اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 486
مزيد من التعلُّمِ قد يكون ضربةً عنيفةً إلى مفهومه عن ذاته كمتخصصٍ مُدَرَّبٍ خبيرٍ.
ويثير هذا الفرض مسألة هامة تتصل في جوهرها بالممارسة التعليمية مع الراشدين، ويعني هذا ضرورة تغيير الطرق التعليمية واستراتيجيات التدريس لهؤلاء؛ بحيث يصبح الموقف التعليمي فرصةً يناقشون فيها مشكلاتهم المشتركة, بدلًا من أن يكون مجالًا يتضمن أن المتعلم الراشد يعوزه شيء ما "وهو بالفعل كذلك", وأن يُعَادَ تخطيط البرامج بحيث تعين الراشد على المحافظة -ولو جزئيًّا- على صورة الذات لديه, وأن تقدر الخبرات السابقة للمتعلم الراشد تقديرًا ملائمًا، بل ويستعان بها في بناء الخبرات الجديدة من خلال ما يسمى التعلم الخبري experiential learning، وتهيئة جوّ المودة، وعلاقة الاحترام المتبادل بين المعلِّم والمتعلِّم، وتيسير ظروف المساعدة الفردية وخدمات الإرشاد النفسي للراشدين.
2- أوهام العمر:
إذا كان قلق الراشدين المتعلمين يمكن التغلب عليه، فإن المعلِّم الممارس في هذا الميدان قد يجد نفسه بإزاء قوى مدمرة داخل عقول هؤلاء المتعلمين, تتمثل في اعتقادهم بأن قدراتهم العقلية تتضاءل تضاءلًا خطيرًا مع التقدم في السن.
ومعظم هذه المفاهيم القبلية تدعمها مصادر عديدة، فصورة الراشد في منتصف العمر عند الأدباء والفنانين، وكما تظهر على خشبة المسرح وشاشات العرض السينمائي والتليفزيون, تكاد تجمع على حدوث هذا التدهور العقلي[1].
وكثيرٌ من الشركات والهيئات والمؤسسات تعلِنُ صراحةً في سياستها للقوى العاملة أنها لا تعيِّن من يزيد عمره عن 35 عامًا مثلًا أو أقل من ذلك بكثير، هذا على الرغم من أن بعض شركات الطيران تعيد تدريب طياريها وهم في سن الخمسين على قيادة الطائرات الجديدة, ومن الأمثال الشائعة في الغرب "إنك لا تستطيع أن تعلم كلبًا عجوزًا حيلًا جديدة"، وهو مَثَلٌ مدمرٌ، بينما يقول المثل العامي المصري: "الدهن في العتاقي", وهو يتعدَّى في معناه معنى السمنة المادية إلى المهارة والمعرفة.
وربما كان أخطر المصادر أثرًا في تدعيم هذه الصورة الشائعة عن التدهور العقلي مع التقدم في العمر ما ذكره بعض الخبراء, ربما من باب الفكاهة, ومن [1] من أشهر هذه الصور ما قاله دوجيري أحد أبطال مسرح شكسبير: "حين يتقدم بنا السن تضيع منا الفطنة".
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 486