اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 86
للعلاقات المتبادلة بين العوامل الاقتصادية, والظواهر الاجتماعية.
والنقطة الأخيرة التي نريد إيضاحها هي أن منهج ابن خلدون كمفكر عبقري لا يمكن بحثه كظاهرة منعزلة في ميدان دراسة المناهج وعلاقاتها بالنظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهو بهذا يستحق منا نظرة شاملة أخيرة قد تلقى الضوء على مكانه في حقل دراسة المناهج. وسواء ترك علم العمران والمنهج الخلدوني آثارهما على المفكرين السياسيين والاجتماعيين[1] الذين جاءوا بعده أم أن منجزاته العلمية ظلت مجهولة, فإن هذا لا يقلل بحال من الأحوال من الحاجة إلى إعادة النظر في تطور المناهج العلمية في العلوم الإنسانية, والاعتراف بفضله في هذا المجال.
ويقدم بحثنا الموجز هذا بعض المؤشرات الإيجابية على أن منهج ابن خلدون يمكن اعتباره مرحلة متوسطة بين المناهج المجردة التي كانت سائدة قبله في العصور الوسطى من جانب, وبين المناهج الوضعية والمادية لكبار المفكرين الذين ظهروا بعده وخاصة في أوروبا من جانب آخر. هذا علاوة على أن استحالة تصنيف منهجه بشكل مطلق, وحاسم تحت عناوين ميتافيزيقية أو مادية لهو دليل آخر على أنه يمثل مرحلة انتقال بين الاثنين.
= العلمي في عدم التمسك الجامد بمبدأ جرت العادة على تطبيقه, وذلك على أساس أنه ما دامت عصبية العرب عامة, وعصبية قريش خاصة قد فقدت القوة التي بها يكون الحكم والمحافظة على المصالح العامة, فإن مثل هذا الشرط في رأيه أصبح لا ضرورة له. ويختلف موقفه هذا عن موقف الفقهاء الذين اتخذوا موقفا جامدا بإصرارهم على ضرورة مراعاة شرط القرشية حتى ولو افتقر الخليفة الجديد إلى المساندة, والقوة اللتين تمكنانه من تنفيذ المسئوليات والشروط الأخرى لتولي منصب الخليفة. [1] ينادي بعض العلماء بضرورة القيام بمزيد من الدراسات لبحث أوجه الشبه الهامة بين الأفكار التي أوردها ابن خلدون في علم العمران, وآراء بعض المفكرين الذين جاءوا بعده مثل بودان وأوجست كونت. انظر في ذلك تمهيد الدكتور علي عبد الواحد وافي لمقدمة ابن خلدون صفحة 177, كذلك الدكتور عبد العزيز عزت "تطور المجتمع البشري عند ابن خلدون" في أعمال مهرجان ابن خلدون، مرجع سابق, صفحات52، 53، كذلك:
H. Becker, and Harry Elmer Barnes, Social Thought from Lore to Science, op. cit., p. 349.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 86