responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 71
أو الأسطورة الأخرى عن وجود مدينة في صحراء عدن تشبه الجنة تسمى إرم, نقلت الروايات أنها بُنيت في ثلاثمائة عام, وأنها مدينة عظيمة قصورها من الذهب وأعمدتها من الزبرجد والياقوت وفيها أصناف عديدة من الأشجار والأنهار. وبعد أن يستقصي ابن خلدون أخبارها ومكانها يدلل على كذب هذه الأساطير بالاستشهاد بأقوال بعض الرواة أنفسهم من أن مدينة إرم غائبة ولا يعثر عليها غير أهل السحر. ولهذا يسمي كل هذه الأساطير مزاعم أشبه بالخرافات.
وفي بحث رابع استند ابن خلدون إلى أسلوب البحث التاريخي, وخاصة في شرحه لسبب نكبة البرامكة موالي الدولة العباسية, فكذب المؤرخين الذين ذهبوا إلى أن الرشيد أوقع بهم بسبب سلوك أخته العباسة مع مولاه جعفر بن يحيى بن خالد واكتشاف علاقة آثمة بينهما، ويعلق بأن ذلك من قبيل الروايات المثيرة غير المعقولة, وأن الأسباب الأكثر منطقية لنكبة البرامكة تكمن في خوف هارون الرشيد من تزايد قوتهم التي ظهرت في محاولة فرض سيطرتهم على الدولة العباسية, واستئثارهم بالمناصب الرفيعة بعد إبعاد العرب عنها, واستيلائهم على أموال الجباية وامتلاك الضياع في سائر الممالك, مما أثار حفيظة منافسيهم, فوشوا بهم عند الرشيد. ولعل خير ما يلخص آراء ابن خلدون في هذه البحوث الأربعة قوله: "فلا تثقن بما يلقى إليك من ذلك, وتأمل الأخبار, واعرضها على القوانين الصحيحة يقع لك تمحيصها بأحسن وجه"[1].
تصور هذه البحوث الأربعة مدى تأثير العنصر العقلاني في كتاباته, ويؤكد ذلك النتيجة التي توصل إليها من أن العقل البشري يمكنه التمييز بين طبيعة ما هو ممكن وبين المستحيل, وبذلك يتقبل الأشياء أو الأحداث التي تقع في حيز الممكن والمعقول, ويرفض ما عداها.

[1] انظر المقدمة طبعة وافي، صفحات 220-230، وكذلك حسن الساعاتي "المنهج العلمي في مقدمة ابن خلدون" في: أعمال مهرجان ابن خلدون، مرجع سابق، صفحتي 220، و221.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست