اسم الکتاب : علم نفس النمو من الجنين إلى الشيخوخة المؤلف : الأشول، عادل الجزء : 1 صفحة : 70
والطفل يستطيع أن يرى الأشياء الكبيرة قبل أن يتمكن من رؤية الأشياء الصغيرة لأن حركات عينيه غير متسقة بدرجة كافية في البداية للتركيز على الأشياء أو الموضوعات الصغيرة، ويتضح نفس النمط في استخدام اليدين، فحينما يصل الطفل في البداية إلى موضوعات لا يستخدم فحسب كلا يديه، ولكن يلقي برجليه وبجسمه ككل على الاستجابة في آن واحد, وفي حوالي الستة أشهر الأولى من عمر الطفل تتحدد استجابة الوصول إلى الشيء باليدين، وفيما بعد -في حوالي العام من العمر- بيد واحدة, وفي حالة تعلم مهارة جديدة كاللبس، يشترك جسم الطفل ككل في هذا النشاط، ومع التحسن في هذه المهارة، يتحدد النشاط باليدين، فالأطفال تقوم بأداء الأشياء البسيطة أولا وبالأكثر تعقيدًا فيما بعد "آمس 1940".
وقد اتضح من دراسة على التتابع الحركي في عملية القبض على الأشياء أن الطفل الوليد في البداية يأتي بحركة عامة من ذراعيه، بأن دفعهما إلى الخلف، ثم أعادهما في اتجاه الشيء المراد مسكه، وأخيرًا مد يده إلى الشيء فأمسكه، والقبض على الأشياء ذاته يمر بعملية تخصص تبدأ باليد، ثم بمقابلة الإبهام، بالأصابع، وتنتهي "وذلك في حالة الأشياء الصغيرة" يمسك الشيء بالتقاطه بين الأبهام والسبابة.
واستنادًا لهذا المبدأ الأساسي للنمو "تطور نمو الاستجابة من الكل إلى الجزء" يمكن تفسير تطور النمو اللغوي عند الأطفال, فالملاحظة والخبرة الحسية العيانية تسبقان الصياغة اللفظية، والنطق بالألفاظ يسبق تسمية الرموز المصورة، وهذا بدوره يسبق القراءة، وفي بناء حصيلته اللغوية يتعلم الكلمات العامة قبل الكلمات المتخصصة النوعية، فمثلا يستخدم كلمة "لعبة" لكل أدوات اللعب قبل أن يتعلم أن يسمي كل لعبة باسمها، ويصير تكوين المفاهيم وفقًا لنفس هذا النموذج التتابعي، فالطفل يميز أولا الموضوعات الحية من الأشياء الجامدة غير الحية، والكائنات الإنسانية عن الحيوانات ثم الأنماط المختلفة من الكائنات الإنسانية كالأبيض والأسود أو المصري أو الصيني.
وينطبق هذا المبدأ النمائي أيضًا على الاتصال إذ نجد أولا، الاتصال الشفهي، ثم الاتصال التحريري دون التقيد، بالتفاصيل الدقيقة وأخيرًا العناية بتفاصيل الهجاء وقواعد اللغة.
اسم الکتاب : علم نفس النمو من الجنين إلى الشيخوخة المؤلف : الأشول، عادل الجزء : 1 صفحة : 70