"تلك التغيرات الإنشائية البنائية التي تسير بالكائن الحي إلى الأمام حتى ينضج".
أو أن النمو: "تغير تقدمي مطَّرد، يستهدف وصول الفرد إلى مستوى النضج الذي يعني التهيؤ أو الاستعداد الوظيفي لأداء الدور المنوط به".
ويقصد بكون النمو تغيُّر مطَّرد: أنه يشمل كافة مظاهر شخصية الفرد: الجسمية، والعقلية، والانفعالية، والاجتماعية.
ويمس هذا التغير جانبين رئيسيين هما:
أ- الجانب البنائي أو المورفولوجي: ويقصد به تغيُّر الفرد في حجمه أو طوله أو شكله.
ب- الجانب الوظيفي أو السلوكي: وهذا يشير إلى أن التغيرات النمائية تكشف عن إمكانات الفرد وتبرزها وتوسعها حتى يتحقق لها توظيفًا أمثل؛ فالنموّ ليس إضافة أطول إلى الطول، أو قدرة إلى قدرة، بل هو عملية معقَّدة تهدف إلى تكييف البناء الجسمي لأدوار وظيفية معينة، كما يختلف الأفراد في قدرتهم على تجريد الخبرات عبر الزمن، كما يختلفون في القدرة على بناء معايير أكثر دقة لتفسير الأحداث الجديدة، وذلك تبعًا لنمو التنظيم العقلي.
أما كون النمو تغير تقدمي: فإن ذلك يشير إلى أن النموَّ تغير يتَّجه صوب هدف هو النضج. فالنمو يتمخَّض عن خصائص جديدة وقدرات جديدة تتوفّر للفرد اعتمادًا على ما تحقَّق من نموٍ لهذه الخصائص والقدرات والوظائف في مراحل سابقة. والنمو يمثل بذلك انتقالة من مراحل أدنى إلى مراحل أرقى من النشاط والوظيفة.
وإذا كان هناك بعض التغيّر في كل مرحلة في المدى الحياتي للفرد، إلّا أنَّ معظم النمو يحدث في السنوات المبكِّرة من الحياة قبل أن يتحقَّق النضج, ولذلك فإن النموَّ يختلف عن أي تغير آخر يعتري الفرد ولا يؤدي إلى نضجه، وإنما يفضي إلى تدهوره مثل: المرض، أو الإصابة، أو العجز. ولئن انطوى النمو في الشيخوخة على نوع من التدهور في البناء الجسمي والنفسي للفرد وأدائه لوظائفه،