responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي في الطب المؤلف : الرازي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 217
بِأَن الَّذِي ينصب إِلَى الْعين لَيْسَ هُوَ بِقَلِيل الكمية وَهُوَ مَعَ ذَلِك قوى الحدة والحرارة هَمَمْت أَن أبدأ بالتكميد لامتحن الْأَمر بِهِ فأعرف بِالْحَقِيقَةِ واستقصاء حَال الْعلَّة فَأن من عَادَة التكميد فِيمَن هَذِه حَاله أَن يسكن الوجع مُدَّة ثمَّ أَنه يجذب إِلَى الْموضع مَادَّة أُخْرَى وَذَاكَ أَنه بِالطَّرِيقِ الَّتِي بهَا يحلل مَا قد حصل فِي الْعين يجذب إِلَيْهَا غَيره من الْوَاضِع الْقَرِيبَة مِنْهَا فحين دَعَوْت بِالْمَاءِ الْحَار والإسفنج قَالَ الْمَرِيض أَنِّي قد جربت هَذَا العلاج طول نهاري مرَارًا كَثِيرَة فَوَجَدته يسكن عني الوجع ثمَّ يجلب على ّ مِنْهُ بعد قَلِيل مَا هُوَ أَشد مِنْهُ وَأعظم فَلَمَّا سمع ذَلِك الكحال وضمنت لَهُ الْمقَام عِنْده وتسكين الوجع بِلَا دَوَاء مخدر ثمَّ أدخلته الْحمام على الْمَكَان فَبلغ من سكُوت وَجَعه أَن نَام لَيْلَة أجمع وَلم ينتبه الْبَتَّةَ فصرت من ذَلِك الْيَوْم مَتى استدللت وَعرفت أَنه تجْرِي إِلَى الْعين رطوبات حارة وَلَيْسَ فِي الْبدن امتلاء إِذا رد وجعها بِاسْتِعْمَال الْحمام.
ثمَّ رَأَيْت فَتى آخر تَأَمَّلت عينه فرأيتها جافة إِلَى أَن الْعُرُوق الَّتِي فِيهَا منتفخة انتفاخا شَدِيدا مَمْلُوءَة دَمًا فَأَمَرته أَن يدْخل الْحمام ثمَّ يشرب بعده خمرًا قَلِيل المزاج وينام أَكثر فَنَامَ نوما ثقيلا لما فعل ذَلِك وانتبه قد سكن وجع عينه فهداني مَا رَأَيْت من ذَلِك أَن أكون مَتى رَأَيْت أَنه قد لحج فِي عروق الْعين دم غليظ من غير أَن يكون فِي الْبدن كُله امتلاء أَن أجعَل علاجي لصَاحب تِلْكَ الْحَال بِشرب الشَّرَاب لِأَن من شَأْن الشَّرَاب أَن يذيب ذَلِك الدَّم ويستفرغه ويزعجه بِشدَّة حركته من تِلْكَ الْعُرُوق الَّتِي قد لحج فِيهَا وَهَذَانِ النوعان من أَنْوَاع علاج الْعين عَظِيم النَّفْع أَن استعملا فِي مواضعهما وعَلى حسب ذَلِك الْخَطَأ فيهمَا أَن لم يستعملا على الصَّوَاب.
وَأما التكميد فَهُوَ أسلم وَأبْعد من الْخطر فاستعماله على حَالَة ريح وَذَلِكَ أَنه أما أَن يصير للطبيب عَلامَة يسْتَدلّ بهَا على نجاح مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَأما أَن يصير لَهُ سَبَب للصِّحَّة وَذَلِكَ أَنه أَن كَانَت قد علم أَن مَادَّة مَا يجْرِي إِلَى الْعين فِي ذَلِك الْوَقْت فَإِن التكميد يحلل مَا فِي الْعين حَاصِل فيبرئها ويردها إِلَى حَال الصِّحَّة وَأَن كَانَت الْمَادَّة تجْرِي بعد فَإِن أول مَا يسْتَعْمل التكميد ليسكن الوجع بعض السّكُون بالأسخان فَقَط ثمَّ إِنَّه بعد قَلِيل يزِيد فِي الوجع فَيصير ذَلِك عَلامَة لَك على الْعلَّة فتعلم أَنه يحْتَاج إِلَى استفراغ الْبدن كُله أَن كَانَ ألف فِيهِ امتلاء مُطلق بالفصد وَأَن كَانَ فِيهِ رداءة خلط فبالإسهال من ذَلِك الْخَلْط وَلَيْسَ يعسر عَلَيْك تعرف ذَلِك.)
قَالَ فَأَما مَتى كَانَ فِي الْبدن امتلاء لم يحْتَمل شرب الشَّرَاب وَلَا اسْتِعْمَال الْحمام وَإِنَّمَا يصلح قَالَ فَأَما مَتى كَانَ فِي الْبدن امتلاء فَإِن الشَّرَاب وَالْحمام لَيْسَ بِبَعِيد أَن يمزق أغشية عينه فَأَما أَن كَانَ الوجع إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب شدَّة رداءة دم غليظ من غير أَن يكون فِي الْبدن امتلاء فاستعماله الْحمام وَالشرَاب صَوَاب وَأما الفصد فَلَيْسَ بصواب. قَالَ هَذَا لي فِي قوم زَعَمُوا أَن الفصد وَشرب وَالْحمام كُله يَنْبَغِي أَن يجمع على صَاحب وجع الْعين.

اسم الکتاب : الحاوي في الطب المؤلف : الرازي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست