اسم الکتاب : التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 12
ارسطاطاليس يقول: " اننا يلزم أن نعلم الأوائل بالاستقرار وذلك أن الحس إنما يحصل فيها الكلي بالاستقرار ".
4 - صرح في مواضع من كتابه بأنه لا يتقيد في هذا أو ذاك من الآراء بقول الأوائل.
5 - استأنس بأحكام مستمدة من طبيعة اللغة العربية نفسها مما هو موجود؟ أو غير متحقق - في لغة اخرى كاليونانية.
ولم يكن ابن حزم منفردا في محاولته تقريب المنطق بالاستكثار من الأمثلة الشريعية ولكن لعله أول من فتح هذا الباب، مثلما حاول ابن سينا استمداد الأمثلة من الطب، ومن بعد جاء الغزالي فعاد يستمد الأمثلة من الفقه فكتاب التقريب يثبت أن الغزالي مسبوق إلى هذه المحاولة.
ومنذ البدء وقف المفكرون الدينيون فرقتين في النظر إلى منطق المعلم الأول. فريق حاولوا الاستقلال عنه وأوجدوا ما يمكن أن يسمى " منطق المتكلمين " وفريق آخر انتصر للمنطق الارسطاطاليسي. وبهذا الكتاب يقف ابن حزم في الفريق الثاني مع الفخر الرازي والغزالي، وعلى النقيض منهم يقف الناشئ والنوبختي والباقلاني وابن تيمية. ومن الطريف ان يقارن المرء بين اثنين متقاربين في المذهب العقائدي تقاربا شديدا مثل ابن حزم وابن تيمية وهما يقفان على طرفين متباعدين في النظر إلى المنطق.
ومهما يكن من شيء فان كتاب التقريب حلقة هامة في تاريخ الفكر لفلسفي الإسلامي عامة وفي تاريخ الفكر الأندلسي خاصة. وفيه إذا تجاوزنا النواحي المنطقية حقائق هامة تمس طبيعة الحياة الفكرية في الأندلس، وبعضها يتصل بشخصية ابن حزم نفسه ونظرته في الحياة والناس. ولا ريب في انه يفتح أمام الدارسين آفاقا جديدة في دراسة المصطلح المنطقي، وفيما خالف ابن حزم به ارسطاطاليس، وينشئ مقارنات بينه وبين الغزالي وابن تيمية وسواهم في نطاق المحاولة التي قام بها، ويدل على الأصل الذي استوحاه ابن مضاء في الرد على النحويين وإنكار العلل النحوية.
- 7تحقيق التقريب
اعتمدت فيه على نسخة وحيدة اعرف لها ثانية وهي نسخة محفوظة بالمكتبة الأحمدية بجامع الزيتونة بتونس ورقمها: 6814، وهي من المخطوطات التي احضرها معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، الفيلم رقم: 8 فللقائمين عليه شكري لأنهم أتاحوا لي تصويرها.
المعترض حقا. وهذا العلم إنما قصد به ما يكون حقا، وتخليصه مما قد يكون حقا وقد لا يكون. ثم نرجع فنقول ان الصوت الذي يدل على معنى ينقسم قسمين: إما أن يدل بالطبع واما أن يدل بالقصد فالذي يدل بالطبع هو كصوت الديك الذي يدل في الاغلب على السحر وكأصوات الطير الدالة على نحو ذلك وكأصوات البلارج والبرك والاوز والكلاب بالليل الدالة في الاغلب على انها رأت شخصا، وكأصوات السنانير في دعائها اولادها وسؤالها وعند طلبها السفاد وعند التضارب، وكل صوت تدل بطبعه على مصوته كالهدم ونقر النحاس وما اشبه ذلك من اصوات الحيوان غير الإنسان. فهذه إنما تدل على كل ما ذكرنا بالعادة المعهودة مما في شاهده تلك الاصوات، لا أنا نفهمها ما نتخاطب به فيما بيننا باللغات المتفق عليها بين الامم التي نتصرف بها في جميع مراداتنا. فهذه الاصوات التي ذكرناها لم نقصدها في كتابنا هذا إذ ليس يستفاد منها توقيف على علم ولا تعلم صناعة ولا افادة خبر وقع. واما الصوت الذي يدل بالقصد فهو الكلام الذي يتخاطب الناس به فيما بينهم ويتراسلون بالخطوط المعبرة عنه في كتبهم لايصال ما استقر في نفوسهم من عند بعضهم إلى بعض، وهذه التي عبر عنها الفيلسوف بأن " سماها الاصوات المنطقية الدالة ". فان شغب مشغب بما يظهر من بعض الحيوان غير الناطق من كلام مفهوم كالذي يعلمه الزرزور والببغاء والعقعق من حكاية كلام يدرى فيه قائم المعنى، فليس ذلك صحيحا ولا مقصودا به افهام معنى ولا يعد مما علم ولا يضعه موضعه ولكن يكرره كما يكرر سائر تغريده كما عوده. وكثير من الحيوان في طبيعته أن يصوت بحروف ما على رتبة ما، وذلك كله بخلاف كلام الإنسان [6 ظ] الذي يعبر به عن أنواع العلوم والصناعات والاخبار وجميع المرادات.
ثم نرجع فنقول: إن هذا القسم الذي ذكرنا أنه يدل بالقصد ينقسم قسمين:
اسم الکتاب : التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 12