اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 389
أي تغير اقتصادي حدث في الجزيرة العربية -بل في العالم أجمع- أدى إلى ظهوره؟
أي حتمية تاريخية يمكن أن ينشأ عنها هذا الحدث الضخم، الذي ما تزال ضخامته قائمة حتى اللحظة؟!
البيئة هي البيئة ... ما تغيرت قبل بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا بعد بعثته لعدة قرون.
الوضع الاقتصادي هو الوضع الاقتصادي: البيئة الرعوية في الجزيرة العربية برمتها، والبيئة التجارية في مكة والمدينة.
أما التاريخ.. فلننظر حتميات التاريخ ...
بعد سبعة قرون من مولد هذه الدعوة قامت في أوروبا حركة تحرير العبيد ... وحين قامت فإنها لم تحرر العبيد تماما وإنما حررتهم من قبضة السيد ليكونوا عبيدا للأرض.. وبعد عشرة قرون كاملة بل أكثر حررتهم الثورة الفرنسية من جحيم الإقطاع! والإسلام حررهم قبل ذلك بعشرة قرون!
بعد اثنى عشر قرنا من مولد هذه الدعوة أو أكثر قامت أوروبا حركة تحرير المرأة، التي أعطت المرأة بعض الحقوق التي كفلها لها الإسلام، وما زالت بعض الحقوق لم تحصل عليها إلى هذه اللحظة.
بعد اثني عشر قرنا من مولد هذه الدعوة بدأت الدعوة إلى "الديمقراطية" القائمة على الشورى ونزع السلطة الطاغية من الحكام، وهي الدعوة التي أعطت الناس حقوقا وضمانات لم تكن لهم في عهود الإقطاع، وإن كانت "الطبقة" المالكة ما تزال هي الحاكمة من وراء الستار ... بينما أعطى الإسلام كل الضمانات وكل الحقوق قبل ذلك باثني عشر قرنا مع رد السلطة إلى الله لا إلى المالكين من عباد الله!
بعد أربعة عشر قرنا من مولد هذه الدعوة ما تزال العنصرية البغيضة قائمة في الأرض، تقوم على أساسها دول وتقوم من أجلها حروب، ويعامل "الملونون" فيها على أيدي البيض تل المعاملة الرزية التي يعرفها الناس في أمريكا وجنوب إفريقيا وفي كل مكان؛ بينما الإسلام -قبل أربعة عشر قرنا- قد صهر الأجناس والألوان واللغات والشعوب في أمة واحدة على قدم المساواة حين ربطهم بالعقيدة الواحدة في الله.
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 389