responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 379
6- الحتميات:
يقوم التفسير المادي على الحتميات المادية أي: المستمدة من قوانين المادة الحتمية، والاقتصادية المستمدة من الوضع الاقتصادي، والتاريخية المستمدة من المرحلة التاريخية التي يوجد فيها الإنسان من المراحل الخمس الكبرى: الشيوعية الأولى أو الرق أو الإقطاع أو الرأسمالية أو الشيوعية الثانية.
والحتميات الثلاث على أي حال مؤد بعضا إلى بعض بحيث نستطيع أن نتعامل معها كأنها حتمية واحدة، مادية اقتصادية تاريخية، فإنها كلها أوجه لشيءواحد، وكل حدث من أحداث التاريخ واقع -لا محالة- تحت ظل الحتميات الثلاث.
ولسنا هنا بصدد مناقشة علمية لهذه الحتميات، فسنرى فيما يلي من الحديث أنها ليست حتميات بحال من الأحوال! وما يكذبه الواقع لا يحتاج أن ندخل معه في نقاش؛ لأن صوت الواقع أصدق من النظريات والفروض.
ولكنا نلفت النظر إلى قضية معينة فيما يتعلق بالحتميات، هي قضية "الإنسان" ... أين مكانه في هذه الحتميات؟ موجود هو أم غير موجود؟ وإذا كان موجودا فما دوره إذا كان كل شيء يتم بمقتضى الحتميات المادية والاقتصادية والتاريخية؟
يقول ماركس: "في الإنتاج الاجتماعي الذي يزاوله الناس تراهم يقيمون علاقات محدودة لا غنى لهم عنها، وهي مستقلة عن إرادتهم" فإذا كانت مستقلة عن إرادة جميع الناس فمن إذن واضعها؟ وأي مقياس تقاس به لنقول إنها خطأ أو صواب؟ وما مسئولية الإنسان الأخلاقية فيها لنقول إن هذا الإنسان خير وذاك شرير؟ أم لا خير ولا شرير وكلهم سواء؟!
إن قضية الحتميات خطيرة في الواقع أخطر مما تبدو للوهلة الأولى؛ لأنها تعني الإلغاء الكامل لكيان الإنسان الإيجابي ذي الإرادة وذي الفاعلية، وإلغاء القيم الأخلاقية كلها، وإلغاء المسئولية أو "الأمانة" التي يحملها الإنسان.
ما دام كل شيء مرصودا مكانه على خط سير التاريخ البشري فيما قيمة العمل الإنساني؟ ما الفرق بين أن يعمل أو لا يعمل؟ وما الفرق بين عمل وعمل؟ وما قيمة الوجود الإنساني في التاريخ البشري إذا كان الإنسان بهذه السلبية، يصنع الأشياء بينما هي مستقلة عن إرادته،كلعبة "خيال الظل" التي تتحرك

اسم الکتاب : مذاهب فكرية معاصرة المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 379
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست