responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 235
ولاحظ عَلَيْهِم اضطرابا شَدِيدا، وَلَعَلَّ الْقَوْم قد تَرَبَّصُوا بضمام أَن يحل عَلَيْهِ سخط آلِهَتهم، أَو تنزل بِهِ لعنة الْأَصْنَام.
لقد تَأَكد النَّاس - حَسْبَمَا كَانَ فِي رؤوسهم من الأوهام - أَن ضماما هَالك لَا محَالة، وَأَن الْآلهَة لن تَدعه سالما وَقد اعْتدى على قدسيتها، وانتهك كرامتها، فنظروا إِلَيْهِ آسفين عَلَيْهِ، متوقعين لَهُ الدمار.
وَكَانَ وجوم الْقَوْم واضطرابهم، وإشفاقهم على ضمام فرْصَة اهتبلها ضمام وَقَالَ لَهُم: إِن الله قد بعث رَسُولا، وَأنزل عَلَيْهِ كتابا، استنقذكم بِهِ مِمَّا كُنْتُم فِيهِ[2].
وأعلن ضمام إِسْلَامه أَمَام قومه، وَشهد شَهَادَة الْحق فَقَالَ: وَإِنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، وَإِنِّي قد جِئتُكُمْ من عِنْده بِمَا أَمركُم بِهِ، ونهاكم عَنهُ[3].
وَأَقْبل الْمسَاء وضمام يتمتع بكامل صِحَّته، لم يصبهُ جُنُون وَلَا جذام، وَلَا برص وَلَا هَلَاك، وَنظر النَّاس إِلَيْهِ سليما معافى، لم تستطع الْآلهَة أَن تصب عَلَيْهِ لعنتها؛ فَهِيَ إِذن عاجزة، وَلم تنزل بِهِ غَضَبهَا ونقمتها فَهِيَ لَا محَالة غير قادرة، وَلَو كَانَت آلِهَة تسْتَحقّ التَّقْدِير والاحترام لما سكتت على هَذَا الهوان.
وَعرف النَّاس الْحق فِي كَلَام ضمام ودعوته، فآمنوا بِمَا آمن بِهِ ودخلوا جَمِيعًا فِي دين الله، قَالَ الرَّاوِي: فوَاللَّه مَا أَمْسَى فِي الْيَوْم فِي حاضره رجل وَلَا امْرَأَة إِلَّا مُسلما[4].
قَالَ ابْن عَبَّاس: فَمَا سمعنَا بوافد قوم أفضل من ضمام بن ثَعْلَبَة[5].
3- جَعْفَر بن أبي طَالب: وَكَانَ جَعْفَر - رَضِي الله عَنهُ - نَسِيج وَحده، تفرد بخصائص لم يُشَارِكهُ فِيهَا أحد، فقد كَانَ مقدم أَصْحَاب رَسُول الله بَين يَدي النَّجَاشِيّ، والمتصدي لأعداء الله حِين حاولوا إغراء النَّجَاشِيّ بطردهم من بِلَاده، واستطاع جَعْفَر بعقله الرَّاجِح، وأسلوبه الفريد، وحجته الْبَالِغَة أَن يستحوذ على قلب النَّجَاشِيّ، ويستميله إِلَى صُفُوف الْمُسلمين كَمَا تمكن من أَن يَأْخُذ مِنْهُ أَمَانًا لَهُ ولأصحاب رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فأقاموا فِي الْحَبَشَة على خير مَا يحبونَ.
علمت قُرَيْش بِطيب مقَام الْمُهَاجِرين، وغاظها مَا صَارُوا إِلَيْهِ من الْأَمْن والاطمئنان، فدبروا أَمرهم ليكيدوا الْمُهَاجِرين الفارين بدينهم إِلَى حَيْثُ يطمئنون على عقيدتهم، ويتمكنون من عبَادَة رَبهم.

[2] ابْن الْقيم (3/93) .
[3] نَفسه.
[4] ابْن هِشَام (4/162) .
[5] نَفسه.
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست