responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 226
أما الْعلم فَهُوَ الْفِقْه الدَّقِيق فِي أهداف الدعْوَة ووسائلها، وَكَيْفِيَّة تبليغها والحرص على نشرها، وَالْفِقْه فِي الدعْوَة بِهَذَا الْمَفْهُوم أَمر وَاجِب على الدعاة.
فالدعاة مهما كَانَت جرأتهم فِي الْحق، وقدرتهم على المواجهة، وصبرهم على الْأَذَى، وصمودهم فِي ميدان الدعْوَة؛ فَإِن ذَلِك لَا يسد مسد الْفِقْه فِي الدعْوَة وَالْعلم بدقائقها وطرق تبليغها، وَلَئِن كَانَت هَذِه الْأُمُور ضَرُورِيَّة للدعاة فَإِن الْفِقْه فِي الدعْوَة من أهم الضروريات.
إِن فهم الداعية لحقيقة دَعوته هُوَ الَّذِي يُمكنهُ من تبليغها، ويجعله قَادِرًا على رد الشُّبُهَات عَنْهَا، وتفنيد افتراءات المبطلين الَّذين لَا يكفون عَن إثارة الشُّبُهَات، وإشعال الْفِتَن، وإلصاق التهم، وتجريح الأبرياء.
وَليكن مَعْلُوما لَدَى الدعاة إِلَى الله أَن الحماس للحق لَا يُغني غناء الْفِقْه، وَأَن الجرأة فِي التَّبْلِيغ لَا تسد مسد الْفَهم، وَأَن الصَّبْر على الْأَذَى لَا يقوم مقَام الْعلم، وَلِهَذَا وجدنَا الدعاة فِي ميدان الدعْوَة يواجهون أعداءهم بالحجج الَّتِي تدحض باطلهم، والأدلة الَّتِي تدعم دعوتهم، فِي مُوَاجهَة خصومهم، والبراهين الَّتِي تمكنهم من كشف زيف الْبَاطِل الَّذِي يقف فِي طَرِيق دعوتهم.
وَلَقَد كَانَ هَذَا الْفِقْه للدعاة أمضى من الأسلحة فِي أَيدي الْمُحَاربين؛ اقتحموا بِهِ الْعُقُول فأذعنت للحق، وطرقوا بِهِ الْقُلُوب فَلَانَتْ لذكر الله.
إِن أَي دَعْوَة لَا تمد دعاتها بالفقه فِي مبادئها، والفهم لغايتها ووسائلها لهي دَعْوَة مَحْكُوم عَلَيْهَا بالفشل، لِأَن مشكلات الدعاة لَا تحل عَن طَرِيق السَّيْف بِقدر مَا تحل عَن طَرِيق الْإِقْنَاع والفهم، وَلِأَن الدعْوَة إِذا اسْتَقَرَّتْ فِي الْقلب يعجز السَّيْف عَن إخْرَاجهَا مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُوم الْحَقِيقِيّ لقَوْله تبَارك وَتَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [1].
إِن الْفِقْه الدَّقِيق لأسرار الدعْوَة وأهدافها، وَالَّذِي يَسْتَطِيع الداعية عَن طَرِيق إقناع خَصمه، وَإِزَالَة الأباطيل من رَأسه؛ لَهو السِّلَاح الْحَقِيقِيّ الَّذِي يجب أَن يتسلح بِهِ الدعاة؛ لِأَن الدعْوَة لابد أَن تواجهها تيارات مضادة وأفكار معادية، وَمن الْمَعْلُوم أَن الفكرة لَا تحارب بِالسَّيْفِ مهما كَانَت بَاطِلَة، وَأَن العقيدة لَا تقاوم بالقهر وَلَو كَانَت فَاسِدَة؛ وَمن أجل هَذَا كَانَ الْفِقْه وَمَعْرِفَة كَيْفيَّة إقناع الْخصم أجدى على الدعْوَة من السَّيْف والمدفع.
وَمَعَ أَن الدعْوَة لَا تَسْتَغْنِي مُطلقًا عَن السَّيْف والمدفع - إِذْ هما الْوَسِيلَة الفعالة لإقناع

[1] سُورَة النَّحْل الْآيَة125.
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست