responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 225
فِي وَجه الْكفْر، وأصبحت عقيدتهم أعز عَلَيْهِم من حياتهم، فَأَجَابُوا على التهديد بالصمود، وعَلى الْوَعيد بالتحدي {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [4].
ويفاجأ فِرْعَوْن المتغطرس بِهَذَا التحدي مِمَّن كَانُوا بالْأَمْس عبيدا لَهُ؛ فينخلع قلبه، ويطيش صَوَابه، وَلكنه لم يسْتَطع أَن يمْضِي وعيده، وَلَا أَن ينفذ تهديده، وَكَانَ كعادته يتوعد وَيقف عِنْد هَذَا الْحَد وَلَا يتعداه.
وَسِيَاق الْآيَات الكريمات لَا يُعْطي مدلولا وَاضحا لنتيجة هَذَا التهديد، هَل نفذ فِرْعَوْن وعيده، أم تراجع أَمَام هَذَا التحدي، وبلع رِيقه أَمَام هَذَا الصمود، وَزعم أَن أَتْبَاعه هم حالوا بَينه وَبَين التَّنْفِيذ، كَمَا حكى عَنهُ الْقُرْآن حِين قَالَ: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} [5].
إِن فِرْعَوْن يزْعم أَن أَتْبَاعه هم الَّذين يحولون بَينه وَبَين قتل مُوسَى، ولولاهم لقَتله، فَهُوَ يَقُول لَهُم: {ذَرُونِي} أَي اتركوني؛ وَالْحق أَن أحدا لم يمنعهُ، وَلم يكن فِي رَعيته من يَسْتَطِيع أَن يمنعهُ أَو أَن يحول بَينه وَبَين تَنْفِيذ مَا يُرِيد، وَلَكِن بهت أَمَام تحدي الْإِيمَان وصمود الْمُؤمنِينَ.
وَالَّذِي يَبْدُو من سِيَاق الْآيَات أَن فِرْعَوْن هدد وَلم ينفذ، وتوعد وَتوقف، حَيْثُ لم تشر الْآيَات إِلَى مصير السَّحَرَة الَّذين آمنُوا بِرَبّ هَارُون مُوسَى.
وَالَّذِي يظْهر كَذَلِك أَن فِرْعَوْن انهزم نفسيا أَمَام تحدي السَّحَرَة واستهانتهم بِمَا توعدهم بِهِ، فَلم يقدر على أَكثر من القَوْل.
وَهَكَذَا تَتَكَرَّر الصُّورَة، وَلَا تزَال تَتَكَرَّر حَتَّى يَرث الله الأَرْض وَمن عَلَيْهَا.
وَهَكَذَا يقف الدعاة فِي وَجه الظُّلم والطغيان، ويعلنون فِي ميدان الدعْوَة إِيمَانهم الْحق، وتحديهم للباطل، وصبرهم على الْأَذَى فِي سَبِيل الله حَتَّى يتَحَقَّق لَهُم النَّصْر.

الدعْوَة تواجه التيارات المضادة:
دأبت مدرسة الدعْوَة على تَخْرِيج دعاة مسلحين بسلاحين مهمين فِي حَيَاة الدعاة وهما: الْإِيمَان وَالْعلم.
وَالْإِيمَان سلَاح لَا يُغني عَنهُ سلَاح مهما كَانَ، إِذْ هُوَ الدرْع الواقي من هجمات الْأَعْدَاء، وكنز لَا ينْفد فِي إمداد الدعاة بِالصبرِ على الْأَذَى، والثقة فِي الله، والصمود فِي وَجه الطغاة.

[4] طه الْآيَتَانِ72،73.
[5] غَافِر الْآيَة26.
اسم الکتاب : مدرسة الدعوة المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 225
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست