responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 73
واستطاعت الفلسفة المادية في العصر الحديث أن تأخذ حجماً كبيراً في أوروبا الشرقية، ثمّ الغربية، وتجاوزت كثيراً حجمها الصغير الذي ظلت محافظة عليه منذ عهود الإغريق، لأن الفلسفة المثالية لم تقدم للعالم الغربي حلاً متكاملاً شاملاً للمشكلات الإنسانية كلها، الشاملة للجوانب الاعتقادية والنفسية والتشريعية، بل جمدت عند الافتراضات الذهنية النظرية، دون أن تعتمد على التجارب العملية في المجالات التي يجب فيها الاعتماد على هذه التجارب.

في حين أن الاتجاه المادي العملي، في مجال الانتفاع الحضاري من خيرات الكون وطاقاته، قد شق الطريق العريض لفهم القوانين الكونية، وإجراء التجارب على الطبيعة، قد شق الطريق العريض لفهم القوانين الكونية، وإجراء التجارب على الطبيعة، واكتشاف الطاقات الكمينة، وإنتاج المخترعات والمبتكرات الصناعية، التي أخذت أسلوب التقنين العلمي، وإنتاج الالآت المعقدة جداً، التي اختصرت الأزمنة، والأمكنة , والمسافات، وأمدت الإنسانية بقوى هائلة ما كان يحلُم الإنسان القديم بمثلها.

إن الفلاسفة المثاليين، قد استطاعوا عن طريق التأمل الفكري، والبحث النظري، أن يتوصلوا إلى حقيقة من حقائق ما وراء المادة، وهي حقيقة وجود خالقٍ أزلي أبدي واجب الوجود لذاته، وعنه صدر هذا الكون المادي.

إلا أنهم سقطوا وراء ذلك في متاهاتٍ شتى، حول تحديد ذات الخالق، وتحديد كثير من صفاته. ثمّ مَشَوْا في متعرّجات مظلمات في مختلف جوانب المعرفة، أصابوا في بعضها، وأخطؤوا في كثير منها.

ثمّ لم يستطيعوا أن يقدموا للناس نظاماً صحيحاً شاملاً، يحلُّ مشكلات الحياة، ويجيب على تساؤلات الناس إجابات شافيات، لأنهم لمي هتدوا بهدي شرائع الله للناس، فلم تُغْن قضية الإيمان بخالق، ولا مقتطفاتٌ يسيرات صحيحة في الأخلاق والسياسة والاجتماع والاقتصاد وغير ذلك، غناءً مزيلاً لقلق النفوس، ومحققاً للعدالة، ومطابقاً للفطرة البشرية التي فطر الله الناس عليها.

اسم الکتاب : كواشف زيوف المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست