ومنها أجهزة الإحساس بالأشعة التي لا تدركها حواس الناس، وأجهزة الإحساس بالذبذبات الصوتية التي تنطلق في الأجواء، وأجهزة الإحساس بالطاقات الكهربائية والمغناطيسية والحرارية غيرها.
وكلما تقدّم العلم وتطورّت أجهزة الإحساس بموجودات كانت غيباً عن الناس قبل التوصُّل إليها، تراجع الفكر المادي عن بعض تعنتاته، ولكن ظل منكراً ما وراءه، مما لا يزال غيباً.
لقد كان الاستنتاج العقلي يثبت أموراً، وكان الفكر المادي ينكر بتعنت وعناد، وحين كشفت الأجهزة المستحدثة ما كان يثبته العقل، تجاهل الماديون إنكارهم الأول، وأخذوا يراوغون، ويوسعون مذهبهم المادي، حتى يشمل ما أثبتته الأجهزة المستحدثة وأحست به، وقدمت للعلماء شهادة بما شاهدت من خفايا كانت قبلها غيباً عن حواس الناس.
أما الماديون المعاصرون الذين يعترفون بقوانين العلوم، وما توصّلت إليه استنتاجاً عقلياً، فهم يتناقضون مع أنفسهم حين يسلمون بمقرراتٍ علمية لم يتوصل إليها العلم إلا عن طريق الاستنتاج العقلي، ويرفضون مع ذلك الاستنتاجات العقلية التي توصل إلى ضرورة الإيمان بالخالق.
ما أعجب أمر هؤلاء المادّيين!!
إنهم يرفضون الاستنتاج العقلي، حينما يُلزمهم جميع العقلاء بضرورة الإيمان بالخالق، الذي هو غيب عن الحواس بذاته، لكن ضرورة وجوده تُعلَمُ حتماً بآثار صنعته المتقنة، ثم هم يقبلون بمقررات علمية كونية كثيرة ما زالت غيباً عن الحواس، وغيباً عن الأجهزة العلمية المتقدمة جداً، مثل صفات الذرة، وحركاتها، وصفات الخلية، وتطورها. مع أن هذه المقررات يوجد في بعضها ما دل عليه الاستنتاج العقلي بأمارات ظنية، لا بأدلة قطعية.
أليس هذا منهم تناقضاً مع أنفسهم؟!
إنهم لو كانوا منسجمين مع الأدلة العلمية انسجاماً سوياً لم يتدخل