مقبول في ميزان الفكر، لا يثبت أية قضيّة، وهو كذب، أو محض تخيّلٍ وافتراض ذهني.
السؤال الثاني: هل رصد واضع النظرية ومؤيدوها ومقرروها من بعده، أجزاء الكون وعناصره في مستقبل ما يأتي من الأزمان، وثبت لهم من رصدهم أنه لا يمكن أن يُخلق شيءٌ من العدم، ولا يُمكن أن يُعدم شيءٌ موجود؟
ونقول: كيف يستنى لهم رصدُ المستقبل وهم لا يملكون استقدامه؟!
جل ما يملكونه هو قياس المستقبل على الحاضر وعلى الماضي، قياساً ذهنياً، بشرط استمرار نظام الكون القائم. وهم لا يستطيعون أن يحكموا على الكون بأنه لا يمكن أن يتغير نظامه الكلي، فتأتيه حالةٌ من الحالات يمسي أو يصبح فيها عدماً، أو تنعدمُ بعض أجزاءٍ منه، أو تضافُ غليه أجزاءٌ لم تكن هيئتها ولا مادتها فيه، فهذا حكم لا سبيل إليه، إنه حكم على مجهول، والحكم على المجهول باطل، هو رجم بالغيب، وقول بغير علم، وبغير ظن راجح أيضاً، إذ لا يوجد دليل ولا شبه دليل.
إذن فنظرية "لا فوازييه" تنطبق على هذا الكون بشرط استمرار نظامه القائم، وهي لا تحكم على المستقبل حكماً قاطعاً باستحالة تغيّر هذا النظام، ولكن ما دام هذا النظام قائماً، فإن ضابطه أن جميع ما يجري من تغيرات المدركات للناس فيه إنما هو من قبيل التحولات، باستثناء ظاهرة الحياة والموت، التي لم يصل العلم الإنساني إلى إدراك حقيقتها، ولا إلى معرفة سر التقاء الأرواح بالأجساد وانفصالها عنها.
وبهذا يتبين لنا أن التعميم الزمني الشامل لكل أزمان المستقبل في هذه النظرية تعميم غير صحيح إطلاقاً.
ونقول هنا أيضاً: إن لعبة المغالطة في نظرية "لا فوازييه" هي لعبة التعميم الفاسد، الذي لا سند له إلا الادعاء، وكل ادعاء لا يدعمه دليل مقبول ادعاء ساقط.