أولاً: رأى في فكرة التطور الذاتي ما أغراه بأن لديها تفسير كل ظواهر الوجود، فاتجه إلى تعليل كل شيء بمبدأ التطور من السديم الغازي إلى الإنسان، ثمّ الرجعة إلى نقطة البدء، ثمّ تبدأ المسيرة ثانية وثالثة إلى ما لا نهاية له من المرات، وكل تكوين جديد لا بد أن ينتهي بالفناء والموت.
ثانياً: رأى أن الحياة، والعقل، والمجتمع، والأخلاق، خاضعة للتطور.
ورأى أن العقل قاصر عاجزٌ عن إدراك الحقيقة، فزعم أن الحقيقة مغلقة لا يمكن إدراكها، فقال في مقدمة كتابه: "المبادئ الأولى" ما يلي:
" إن كل دراسة تقصد إلى البحث في حقيقة الكون واستقصاء علته، لا بد أن تنتهي إلى مرحلة يقف حيالها العقل عاجزاً، لا يستطيع أن يدرك عندها من الحق شيئاً، سواء أسلك إلى ذلك سبيل الدين أو العلم أو ما شئت من سبل.
هذا ملحد يحاول أن يقنعك بأن العالم وجد بذاته، لم ينشأ عن علة، وليس له بدء ولا ختام، فلا يسعك إلا أن تقابل قوله هذا بالجحود والإنكار، لأن العقل لا يسيغ معلولاً بغير علة، وموجوداً سار في الحياة شوطاً لا بداية له.
ثمّ استمع إلى هذا الناسك المتدين، ها هو ذا يقص عليك علة الكون، وكيف نشأ، فخالق الكون عنده هو الله، ولكنه لم يفسر بهذا الرأي من المشلة شيئاً، ولم يزد على صاحبه سوى أن أرجعها خطوةً على الوراء.