ولكن اكتشاف البكتيريا غيّر ذلك، فهذه كائنات حيّة أبسط مما كان يتصوّر فيما مضى، والبكتيريا موجودة في كل مكان، وكان من الصعب جداً أن لا توجد في أي وسط مناسب لنموها. وقد كان احتمال حدوثها ذاتياً داخل أي وسط عضوي فكرة كثير من المعضدين المناصرين. (أي: لفكرة النشوء الذاتي) .
ولكن تجارب "باستور" المشهورة قد نقضت ذلك تماماً، فقد حفظ حساءً مغلياً في إناء مقفل لا يدخل فيه الهواء إلا من خلال أنبوبة شعرية ملتوية، لتكون بمثابة مصيدة للجزيئات الصلبة، وبذلك كان الحساء معرضاً للتأكسد لوصول الهواء إليه، ولكن لم تظهر فيه بكتيريا (لأنها علقت في الأنبوبة ولم تصل إليه، فكانت بمثابة مصفاة لها) .
ولهذا كان من الواضح أن الهواء الحامل للبكتيريا هو الذي يصيب الحساء المعرّض، وأن البكتيريا نفسها قد نشأت فقط من البكتيريا التي سبق وجودها. وقد كانت هذه هي الضربة القاضية على فكرة النشوء الذاتي للكائنات المعقدة ... ".
مقولة مادّي مكابر
وفي مقال بعنوان "أصل الحياة" لجورج والد، وهو مقال جاء في كتاب "العلم أسراره وخفاياه" نجد أن هذا المختص في علم الأحياء قد ظل من الذين يعتقدون فكرة التوالد الذاتي للحياة من المادة غير الحية اعتقاداً فلسفياً، رغم اعترافه بأن تجارب "باستور" عندما أتمها تقوّضت أركان عقيدة التوليد الذاتي.
ورغم اعترافه هذا قال ما يلي:
" ونحن ننقل إلى المبتدئين في دراسة علم الأحياء هذه القصة لتمثل انتصار العقل على الاعتقاد، وهي تمثل في الحقيقة عكس ذلك تقريباً.
فالنظرة المصبية هي الاعتقاد في التولّد الذاتي، والبديل الآخر الوحيد