.. قال الإمام المناوى: "وهذا لا يقدح فى جلالتهم، بل ولا فى اجتهاد المجتهدين إذ ليس من شرط المجتهد الإحاطة بحال كل حديث فى الدنيا" [1] أ. هـ.
... قال العلامة اللكنوى: فإن قال قائل: فما بالهم أوردوا فى تصانيفهم الأحاديث الموضوعة – مع جلالتهم ونباهتهم – ولِمَ لم ينقدوا الأسانيد مع سعة علمهم؟
قلت: لم يُوردوا ما أوردوا: مع العلم بكونه موضوعاً، بل ظنَّوه مروياً وأحالوا نقد الأسانيد على نُقَّادِ الحديث، لكونهم أغنوهم عن الكشف الحثيث، إذ ليس من وظيفتهم البحث عن كيفية رواية الأخبار، إنما هو من وظيفة حملة الآثار، فلكل مقام مقال، ولكل فن رجال" [2] أ. هـ.
وبعد
... فإن وسائل أعداء السنة فى الكيد لها لا تقف عند حد، وصدق الإمام الشاطبى –رحمه الله -: "ومن نظر إلى طريق أهل البدع فى الاستدلالات عرف أنها لا تنضبط، لأنها سيالة لا تقف عند حد" [3] .
... وبحسب كل مسلم أن يتنبه إلى القواعد الكلية التى ينطلقون منها للكيد للسنة المطهرة، ويعرف بطلان تلك القواعد، وأنه لا أساس لها فهى كمثل بيت العنكبوت.
قال تعالى: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [4] وهذا ما حرصت على تفصيله فى الفصول السابقة.
... ونأكده فى الباب الثالث بذكر نماذج من الأحاديث الصحيحة التى طعن فيها أهل الزيغ والهوى، والجواب عنه. فإن بيان ذلك. [1] فيض القدير 1/21. [2] الأجوبة الفاضلة للكنوى ص 35، وانظر: قواعد التحديث للقاسمى ص 183. [3] الاعتصام 1/232. [4] الآية 41 من سورة العنكبوت.