وعن محمد بن إبراهيم تلميذ بن أبى ليلى قال: "كنت عند أبى جعفر المنصور - وعنده بن أبى ذئب، فقال أبو جعفر: ما تقول فى الحسن بن زيد -وكان والياً للمدينة أيام المنصور- قال يأخذ بالإحنة - أى الحقد ويقضى بالهوى. فقال له الحسن: الله الله، والله ما سلم منه أحد، وإن شئت فسله عن نفسك يا أمير المؤمنين. قال محمد بن إبراهيم - فجمعت ثيابى والسياف قائم على رأس أبى جعفر، مخافة أن يأمر به فيقتل، فيصيب دمه ثوبى، قال ما تقول فى؟ قال - اعفنى يا أمير المؤمنين. قال لابد أن تقول. قال إنك لا تعدل فى الرعية ولا تقسم بالسوية. فتغير وجه أبى جعفر فقام إبراهيم بن يحيى والى المدينة أيام المهدى- وقال: طهرنى بدمه يا أمير المؤمنين؟ قال له ابن أبى ذئب - اقعد يا بنى فليس فى دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله طهور" [1] .
... وموقف سفيان الثورى - رحمه الله - مع أبى جعفر المنصور مشهور؛ فقد كان سفيان -رحمه الله- قوالاً بالحق، شديد الإنكار، حتى مات فى البصرة مختبئاً من المهدى [2] ، وما موقف المحدثين - وعلى رأسهم أحمد بن حنبل - رحمه الله - مع الأمراء العباسيين فى محنة خلق القرآن ببعيد. وغير ذلك الكثير، ولولا أن المقام لا يحتمل المزيد لنقلت لك أخباراً مشرقة عن هؤلاء الأفذاذ [3] .
صلة علماء المسلمين بالملوك والأمراء:
... زعم أعداء السنة، أعداء الإسلام، أن صلات علماء المسلمين بالملوك والأمراء مكنت لهم أن يستغلوهم فى وضع الأحاديث الموافقة لأهوائهم وتثبيت سلطانهم. [1] أدب الشافعى ص 32، وذكر القصة باختصار الذهبى فى التذكرة 1/192، وانظر: فى نفس الصفحة، موقفاً آخر للمهدى هاب فيه ابن أبى ذئب. [2] تذكرة الحفاظ 1/206 وانظر: الثقات للعجلى ص 54 رقم 37 حكى عن أبى إسحاق الفزارى أنه أمر سلطان ونهاه فضربه مائة سوط. [3] انظر: للمزيد كتاب "الإسلام بين العلماء والحكام" للأستاذ عبد العزيز البدرى.