.. وروى أن أبى بن كعب قرأ: {الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} [1] فقال عمر رضي الله عنه كذبت. قال: أنت أكذب. فقال رجل: تكذب أمير المؤمنين؟ قال: أنا أشد تعظيماً لحق أمير المؤمنين منك. ولكن كذبته فى تصديق كتاب الله عز وجل، ولم أصدق أمير المؤمنين فى تكذيب كتاب الله عز وجل، فقال عمر: صدق" [2] .
فانظر كيف يمتحن عمر الصحابة فى مدى جهرهم بكلمة الحق إذا عدل عنها الأمير، وانظر كيف كان الصحابة يعرفون لأمرائهم حقهم، فإذا عدلوا عن الحق لم تأخذهم فى الله لومة لائم.
... أما عن موقف الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الإسلام، من ملوكهم وأمراءهم، فقد مر موقف أبو سعيد الخدرى من مروان وإلى المدينة، وكذا موقف ابن عمر من الحجاج [3] . وسيأتى موقف آخر للإمام الزهرى مع هشام بن عبد الملك الأموى، بعد ذكر بعض المواقف لأئمة الإسلام من ملوك وأمراء بنى العباس. منها ما ذكره الحافظ الذهبى فى ترجمة - ابن أبى ذئب الإمام الثبت - قال الإمام أحمد: "دخل بن أبى ذئب على المنصور فلم يهبه أن قال له الحق، وقال الظلم ببابك فاش، وأبو جعفر، أبو جعفر". [1] جزء من الآية 107 من سورة المائدة. [2] أخرجه ابن جرير فى تفسيره 5/107 رقم 13977، دون ذكر رد عمر عليه، وانظر: الدر المنثور 3/606. [3] راجع: ص 398، 399، وانظر: موقف آخر فى السياسة الشرعية لابن تيمية ص 12، يدخل فيه أبومسلم الخولانى على معاوية بن أبى سفيانرضي الله عنه فيعظه موعظة بليغة، ولم يسميه فيها بالأمير بل بالأجير.