أما ما زعموه من وقوع اللحن فى بعض الأحاديث بسبب عجمة بعض الرواة [1] ؛ فهو شئ –إن وقع- قليلٌ جداً، لا ينبنى عليه حكم، ولا يقوم بهذا الزعم حجة لأحد ولا يصح أن يمنع من أجله الاحتجاج بالحديث الصحيح [2] ، وهل يمنع عاقل الاحتجاج بالقرآن إذا لحن به بعض الناس؟!! 0 ثم إن اللحن كان موجوداً فى غير نصوص السنة من موارد اللغة التى اعتمد عليها النحاة من شعر ونثر، ورغم ذلك فقد قبلت؛ لأن العبرة بغلبة العصر لا بلحن الأفراد. ولم يقل أحد أنه لا يحتج بهما فى اللغة والنحو [3] . ثم إن ما ذكره هؤلاء من اللحن فى الأحاديث الصحيحة لم يكن لحناً وإنما هو لغة من لغات العرب - وسيأتى بعد قليل أمثلة على ذلك - وقد حذر العلماء من اللحن فى الحديث أشد التحذير، وعد بعضهم الحديث الملحون كذباً على النبى صلى الله عليه وسلم: قال الأصمعى (4) [1] انظر: الاقتراح ص 21. [2] الحديث النبوى للدكتور الصباغ ص 132، وانظر: الحديث النبوى للدكتور فجال ص 122. [3] الاستشهاد والاحتجاج باللغة ص110 - 114 بتصرف، وانظر: السير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث للدكتور فجال 1/102.
(4) الأَصْمَعِىُّ: بفتح الألف، وسكون الصاد المهملة، وفتح الميم، وبالعين المهملة فى آخره. هذه النسبة إلى الجد، وهو الإمام المشهور أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيْب بن أعصر الباهلى الأَصْمَعِىُّ، من أهل البصرة، أحد أئمة اللغة والنحو والغريب والأخبار، والملاحم والنوادر، أثنى عليه فى السنة، أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وقال ابن حجر فى التقريب: صدوق سنى. من مؤلفاته: اللغات، والنوادر، والنسب، وغريب الحديث، وغير ذلك، مات سنة 217هـ، وقيل قبل ذلك. له ترجمة فى: اللباب فى تهذيب الأنساب لابن الأثير 1/70، والفهرست لابن النديم ص 86، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير1/144 رقم 38، وتقريب التهذيب 1/618 رقم 4219، وتهذيب الأسماء واللغات للنووى 2/273، ونزهة الألباب فى طبقات الأدباء لابن الأنبارى ص112،وإنباه الرواه على أنباه النحاة للقفطى2/197،ولسان الميزان9/492 رقم 15492.