: "إن أخوف ما أخاف على طالب العلم، إذا لم يعرف النحو أن يدخل فى جملة قوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب علىَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" [1] . لأنه لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فيه [2] فقد كذبت عليه [3] .
أما ما زعموه من أن أحداً من أئمة النحو المتقدمين لم يحتج فى كتبه بالحديث [4] . فذلك إن صح كما يقول الدكتور محمود فجال: فليس معناه أنهم كانوا لا يجيزون الاستشهاد به إذ لا يلزم من عدم استدلالهم بالحديث عدم صحة الاستدلال به، فـ (سيبويه) مثلاً إذا ذهبنا نقرأ كتابة المسمى بـ (الكتاب) فلن نجد فيه كلاماً رفعه للنبى صلى الله عليه وسلم ولا مرة واحدة، وفى (الكتاب) نصوص كثيرة توافق الأحاديث النبوية … ولكن (سيبويه) لم يستشهد بها على أنها أحاديث من النبى صلى الله عليه وسلم بل على أنها من كلام العرب. [1] سبق تخريجه ص 275. [2] المراد باللحن هنا: مخالفة صواب الإعراب، ويطلق أيضاً على النطق بكلمة على وجه لا يثبت عند العرب، وإن لم يكن خطأ فى الإعراب، واستعمله فى ذلك الفقهاء وأهل اللغة؛ كالنووى، والحريرى. أفاده فضيلة الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف - رحمه الله - على هامش تحقيقه لتدريب الراوى 2/106. [3] رواه ابن الصلاح فى علوم الحديث ص110-114،والقاضى عياض فى الإلماع ص 183-184، وذكره العراقى فى فتح المغيث 3/53، والسخاوى فى فتح المغيث 2/224، والسيوطى فى التدريب 2/106، والصنعانى فى توضيح الأفكار 2/393 - 394 وقال عقبة: "قلت وإنما قال الأصمعى "أخاف" ولم يجزم، لأن من لم يعلم بالعربية، وإن لحن لم يكن متعمداً الكذب" انتهى. وانظر: بقية أقوال المحدثين فى التحذير من اللحن فى المصادر السابقة. [4] انظر: الاقتراح فى علم أصول النحو ص 21، والسير الحثيث للدكتور فجال 1/22.