.. ولو أن المعاصرين فهموا حقيقة الكتابة، وحقيقة التدوين، وأدركوا الفرق بينهما، لما تعارضت النصوص فى فهمهم، ولما صح تشكيك أعداء الإسلام فى السنة النبوية بدعوى تأخر تدوينها مدعين أنه دخلها الزيف، لأن العلم الذى يظل قرناً دون تسجيل لابد وأن يعتريه تغيير ويدخله التحريف، فإن الذهن يغفل والذاكرة تنسى، أما القلم فهو حصن آمان لما يدون به [1] .
الكتابة، والتدوين، والتصنيف فى اللغة:
... وهذا تعريف موجز للكتابة والتدوين والتصنيف: يتضح منه الفرق بين الكتابة والتدوين:
أ- الكتابة: قال فى اللسان:"كتب الشئ كتباً، وكتاباً، وكتابة، وكتبه خطه" فكتابة الشىء خطه [2] .
ب- التدوين: قال فى اللسان: "والديوان مجتمع الصحف" [3] . وقال فى تاج العروس: "وقد دونه تدويناً جمعه. وعليه فالتدوين هو جمع الصحف المشتتة فى ديوان ليحفظها [4] .
ج- التصنيف: قال فى اللسان: والتصنيف: تمييز الأشياء بعضها من بعض، وصنف الشئ ميز بعضه من بعض. وتصنيف الشئ جعله أصنافاً. وعليه فالتصنيف تمييز الجزئيات، كأن يميز المصنف الصواب من الخطأ، أو الأهم من المهم" [5] .
... ومن هذه التعاريف: يتضح لنا أن الكتابة غير التدوين، فالكتابة مطلق خط الشئ، دون مراعاة لجمع الصحف المكتوبة فى إطار يجمعها، أما التدوين فمرحلة تالية للكتابة ويكون بجمع الصحف المكتوبة فى ديوان يحفظها" [6] . [1] انظر: السنة النبوية.مكانتها.عوامل بقائها.تدوينها.لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد المهدى عبد القادر 94-96، وانظر: تصدير الدكتور يوسف العش فى تقييد العلم للخطيب البغدادى ص7، 8. [2] لسان العرب 1/698، وانظر: القاموس المحيط 1/120، ومختار الصحاح ص 562. [3] لسان العرب 13/166. [4] تاج العروس 9/204. [5] لسان العرب 9/198. [6] السنة النبوية مكانتها للأستاذ الدكتور عبد المهدى عبد القادر ص 97.