رابعاً: إنهم كانوا ينهون أو يمتنعون عن التحديث والإكثار منه، إذا كانت الأحاديث من المتشابهات التى يعسر على العامة، وضعاف العقول فهمها، فيحملونها على خلاف المراد منها، ويستدلون بظاهرها، ويكون الحكم بخلاف ما فهموا، وقد تؤدى تلك المتشابهات إلى تكذيب الله ورسوله [1] .
... وفى ذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" [2] ويقول على رضي الله عنه "حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله" [3] .
... يقول الإمام الذهبى:"فقد زجر الإمام على رضي الله عنه، عن رواية المنكر، وحث على التحديث بالمشهور، وهذا أصل كبير فى الكف عن بث الأشياء الواهية والمنكرة من الأحاديث فى الفضائل والعقائد والرقائق، ولا سبيل إلى معرفة هذا من هذا إلا بالإمعان فى معرفة الرجال" (4) [1] شرف أصحاب الحديث 161، 162، والبداية والنهاية 8/106، وانظر: الموافقات للشاطبى فصل (ليس كل ما يعلم مما هو حق يطلب نشره) 4/548. [2] أخرجه مسلم (بشرح النووى) المقدمة، باب النهى عن الحديث بكل ما سمع 1/108 رقم 5. [3] أخرجه البخارى (بشرح النووى) كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا 1/272 رقم 127، بدون (ودعوا ما ينكرون)
(4) تذكرة الحفاظ 1/13.