.. وكذا إذا اجتهدوا فى شىء، وأجمعوا عليه، فيصير حجة بلا خلاف حتى يكفر جاحده [1] . وهذا الاجتهاد من الصحابة زمن النبوة وإقرار النبى صلى الله عليه وسلم لهم، قد أقرهم رب العزة عليه، ولم يبين أنهم قد اخطأوا فيه، مع أن الزمان كان زمان وحى. فلو كانوا فى عملهم هذا مخطئين: لما أقرهم الله تعالى عليه، لأن تقريره تعالى فى زمان الوحى حجة بمثابة الوحى المنزل [2] .
... فكان اجتهادهم حجة وسنة يعمل بها ويرجع إليها [3] ، ولِمَ لا وقد قرن صلى الله عليه وسلم سنتهم بسنته فى وجوب الاتباع فى قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى" [4] وقال: "اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر" [5] وعلى ذلك سلف الأمة من الصحابة [6] والتابعين فمن بعدهم من أئمة المسلمين [7] . [1] كذا فى أصول السرخسى 1/318، وانظر: الإحكام للآمدى 1/255، والمستصفى للغزالى 1/198، والبحر المحيط للزركشى 4/482. [2] حجية السنة للدكتور عبد الغنى ص 285. [3] الموافقات للشاطبى 4/450، وانظر من نفس المصدر 3/300 (بيان الصحابى حجة) ، والبحر المحيط (التخصيص بقول الصحابى) 3/398. [4] سبق تخريجه ص 38. [5] أخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب، باب مناقب أبى بكر وعمر رضي الله عنهم 5/570 رقمى 3662، 3663، وباب مناقب عمار بن ياسر رضي الله عنه 5/626 رقم 3799، وقال: هذا حديث حسن، وابن ماجة فى سننه المقدمة، باب فى فضائل اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 1/48 رقم 49، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وانظر أعلام الموقعين 2/225، 226. [6] انظر: أثر عن ابن عباس -رضى الله عنهما- فى سنن الدارمى المقدمة، باب الفتيا وما فيه من الشدة 1/71 رقم 166، وانظر: جامع بيان العلم 1/57. [7] انظر: ما روى عن عمر بن عبد العزيز فى سنن الدارمى المقدمة، باب الفتيا وما فيه من الشدة 1/70 رقم 162.