.. ففى الأحاديث السابقة وغيرها مما ذكرها أهل الأصول دليل على وقوع الاجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم بما فيهم الإمام على بن أبى طالب رضي الله عنه زمن النبوة بحضرته وغيبته صلى الله عليه وسلم فى المصالح الدنيوية والعبادات أيضاً [1] .
... ومن المعلوم أن اجتهادهم رضي الله عنهم بحضرته وغيبته صلى الله عليه وسلم يصير حجة وشرعاً ويتعبد به بإقراره صلى الله عليه وسلم لا بمجرد اجتهادهم [2] .
... وإن لم يقره صلى الله عليه وسلم أو لم يبلغه اجتهادهم كان اجتهادهم فيه الخلاف المعروف فى قول الصحابى [3] . اللهم إلا إذا قال أحدهم قولاً لا يقال من قبل الرأى، ولا مجال للاجتهاد فيه فحكمه الرفع، على ما هو مقرر عند الأصوليين والمحدثين [4] . [1] من الأدلة التى استدل بها على ذلك قوله تعالى "وشاورهم فى الأمر" استدل بها الإمام السرخسى على أن المشاورة فى أحكام الشرع، كما فى مصالح الدنيا فقال: "ألا ترى أنه شاورهم فى أمر الآذان والقصة فيه معروفة، وشاورهم فى مفاداة الأسارى يوم بدر". أصول السرخسى 2/93، 94، 131، وبهذه الأدلة استدل الزركشى فى البحر المحيط كما استدل بقوله صلى الله عليه وسلم "قد سن لكم معاذ" البحر المحيط 6/223، 225. [2] إرشاد الفحول 2/323، وأعلام الموقعين 2/232. [3] الإحكام للآمدى 4/130، والمسودة لآل تيمية ص 336، وأصول السرخسى 2/105-116، وإرشاد الفحول 2/268، والأدلة المختلف فيها وأثرها فى الفقه للدكتور عبد الحميد أبو المكارم ص 279 –316. [4] المحصول للرازى 2/221، وتدريب الراوى 1/190، 191، وفتح المغيث للسخاوى 1/144، وتوضيح الأفكار للصنعانى 1/280