.. ففى امتناعه رضي الله عنه من محو اسمه الشريف من الصحيفة أبلغ رد على ما يذهب إليه غلاة الشيعة من تقسيم الصحابة إلى مدرستين أو طائفتين، زاعمين أن الإمام على رضي الله عنه لم يجتهد زمن النبوة وأنه رضي الله عنه وشيعته من طائفة التعبد المحض وباقى الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون وسائر أهل السنة من طائفة الاجتهاد والرأى فى مقابل النص. ولا يخفى أن امتناعه رضي الله عنه بعد طلب النبى صلى الله عليه وسلم محو ما كتب اجتهاد منه فى مقابل النص النبوى. وإذا كان هذا موقف اجتهادى منه فى صلح الحديبية، فموقف الفاروق عمر الاجتهادى فى نفس الصلح، طعن به، على الشهرستانى، فى عقيدة عمر رضي الله عنه، وهو قول عمر للنبى صلى الله عليه وسلم "ألست نبى الله حقاً؟ قال بلى. قلت فلم نعطى الدَّنِيَّةَ فى ديننا إذاً؟ …إلخ الحديث" [1] استدل بذلك على أنه رضي الله عنه شك فى صحة قول الرسول وعدم الاطمئنان بكلامه صلى الله عليه وسلم، وأن هذا النص يوضح أنه رضي الله عنه لم يكن من أتباع مسلك التعبد المحض [2] . [1] أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الشروط، باب الشروط فى الحرب، والمصالحة مع أهل الحرب … إلخ 5/390 رقمى 2731، 2732، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبية فى الحديبية 6/377 رقم 1785. [2] منع تدوين الحديث أسباب ونتائج ص 92، 93.