.. وصار الصحابة والتابعون على الدرب نهوا عن الكتابة خوف الإتكال عليها وترك الحفظ لا سيما والإسناد قريب والعهد غير بعيد وهذه هى العلة الثالثة المصرح بها فى الأخبار والآثار الواردة فى النهى عن الكتابة.
3- خوف الاتكال على الكتابة وترك الحفظ، وفى ذلك يقول إبراهيم النخعى: "وقل ما كتب رجل كتاباً إلا اتكل عليه" ويقول سفيان: "بئس المستودع العلم القراطيس" ومن كتب كتب ليحفظه فإذا حفظه محاه كما فى قول مسروق: "إنما أريد أن احفظها ثم أحرقها" فأقره علقمة بقوله "فلا بأس" وروى مثل ذلك عن ابن شهاب ومالك، وعاصم بن ضمرة، وغيرهم [1] ومر قول أبى سعيد الخدرى "احفظوا عنا كما حفظنا" وقول سفيان الثورى: "وما كتبت عنه شيئاً كنا نحفظ" [2] . [1] انظر: سنن الدارمى فى المقدمة، باب من رخص فى كتابه العلم 1/139 رقم 508، وتقييد العلم ص 58-60، وجامع بيان العلم 1/64. [2] ومع ذمة الاتكال على الكتاب وأمره بالحفظ، كان مع ذلك يكتب احتياطاً واستيثاقاً فيما رواه عنه ابن عبد البر قال سفيان: إنى أحب أن أكتب الحديث على ثلاثة أوجه حديث أكتبه أريد= =أن اتخذه ديناً، وحديث رجل أكتبه فأوقفه لا أطرحه ولا أدين به، وحديث رجل ضعيف أحب أن أعرفه ولا أعبأ به" انظر: جامع البيان العلم وفضله 1/76.