.. وفى ذلك يقول الخطيب [1] –رحمه الله تعالى–: "فقد ثبت أن كراهة من كره الكتاب من الصدر الأول إنما هى لئلا يضاهى بكتاب الله تعالى غيره، أو يشتغل عن القرآن بسواه، ونهى عن الكتب القديمة أن تتخذ؛ لأنه لا يعرف حقها من باطلها، وصحيحها من فاسدها. مع أن القرآن كفى منها، وصار مهيمناً عليها" [2] .
... وفى نفس الوقت الذى كان فيه نهى عن الكتابة سواء فى عهد النبوة، أو الصحابة، أو التابعين؛ كان الأمر بالتحديث بالسنة وتبليغها.
وكان هذا التبليغ للسنة معتمداً بجوار الكتابة على ملكة الحفظ، والتى هى العمدة والأساس فى وصول القرآن والسنة إلينا سالمين من التصحيف والتحريف والتبديل.
وملكة الحفظ من مفاخر العرب وهى ملكة طبعوا عليها، والاعتماد على الكتابة يضعفها مع أهميتها، فكان التوجيه النبوى بالنهى عن الكتابة لتقوية تلك الملكة.
... كما قال صلى الله عليه وسلم: "نضر الله أمرأ سمع منا حديثاً فحفظه". وقوله صلى الله عليه وسلم "احفظوه وأخبروا به من وراءكم". [1] الخطيب: هو أحمد بن على بن ثابت بن مهدى، أبو بكر، أحد الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام، من مؤلفاته، الكفاية فى علم الرواية، وتقييد العلم، والفقيه والمتفقة، وشرف أصحاب الحديث، وغير ذلك مات سنة 462 هـ. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 3/1135 رقم 1015،= =والتقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد لابن نقطة ص153 رقم 176، ووفيات الأعيان 1/92 رقم 34، تهذيب بن عساكر 1/399، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 433 رقم 980، والرسالة المستطرفة ص 52، وشذرات الذهب 3/311، والعبر 3|/253، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير 2/441 رقم 1. [2] تقييد العلم ص 57، ونفس المعنى قاله الحافظ ابن عبد البر فى جامع بيان العلم 1/68.