.. ويقول الدكتور السباعى - رحمه الله تعالى - تتلخص حجة من يرد الأخبار كلها كما حكاه الشافعى فى قولهم: إن القرآن جاء تبياناً لكل شئ، فإن جاءت الأخبار بأحكام جديدة لم ترد فى القرآن؛ كان ذلك معارضة من ظنى الثبوت وهى الأخبار، لقطعيه – وهو القرآن – والظنى لا يقوى على معارضة القطعى، وإن جاءت مؤكدة لحكم القرآن؛ كان الاتباع للقرآن لا للسنة، وإن جاءت لبيان ما أجمله القرآن، كان ذلك تبيناً للقطعى الذى يكفر منكر حرف منه، بظنى لا يكفر من أنكر ثبوته، وهذا غير جائز.
... وربما يتبادر إلى الذهن أنهم على هذا يقبلون المتواتر من الأخبار؛ لأنها قطعية الثبوت، فكيف عمم الشافعى بقوله: "رد الأخبار كلها"؟ والذى يظهر أنهم لا يعتبرون المتواتر قطعياً أيضاً بل هو عندهم ظنى؛ لأنه جاء من طرق آحادها ظنية، فاحتمال الكذب فى رواته لا يزال قائماً ولو كانوا جمعاً عظيماً" [1] أ. هـ.
والجواب عن هذه الشبهة:
... إن أعداء السنة المطهرة فهموا أن المراد من الكتاب فى قوله تعالى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [2] القرآن، ولكن مجموع الآيات ابتداء ونهاية، يفيد أن المراد بالكتاب هنا هو اللوح المحفوظ الذى حوى كل شئ، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات كبيرها وصغيرها، جليلها ودقيقها، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، على التفصيل التام كما جاء فى الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال: وعرشه على الماء" [3] . [1] السنة ومكانتها فى التشريع ص 151. [2] جزء من الآية 38 من سورة الأنعام. [3] أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام 8/452 رقم 2653.