.. هذه الآيات الكريمات وما فى معناها؛ استدل بها دعاة الفتنة على عدم حجية السنة النبوية المطهرة، وشبهتهم فى هذه الآيات؛ أنها تبين أن القرآن تام قد حوى كل شئ، كما فى آية الأنعام "وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ"، والله عز وجل ما فرط فى الكتاب من شئ، كما فى آية الأنعام "مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ" فأتى بالعام ثم فصله تفصيلاً، كما فى آية الأنعام "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا" وغيرها، وأتى بالمجمل ثم بينه للناس تبيناً تاماً، كما فى أية النحل "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ" فهو لا يحتاج بعد هذا البيان إلى شئ آخر، وإلا لو احتاج إلى شئ آخر لكان القرآن غير صادق فيما قال، وهذا أمر مستحيل على الله عز وجل، ومستحيل على كلامه.
... هذه هى ناصية الشبهة الأولى وجماعها، وهم يذكرون لها حشداً عظيماً من الآيات التى تؤيدها سواء كان الدليل فى موضوعه كما فى الآيات التى استشهدوا بها سابقاً، أو فى غير موضوعه كما فى باقى الآيات "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" "وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ" "وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ" "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ".
... فهؤلاء المدلسون ما عليهم إلا أن يفتحوا المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وينقلوا منه الآيات التى يشوشون بها على المسلمين، ويضعون أمام كل آية جملة تلائمها، ولا يهمهم بعد ذلك أبقيت وحدة الموضوع بين أيديهم أم لم تبق.
... على أية حال فإن هذه هى الشبهة الأولى فى أصلها الأصيل وكلياتها التى لا تخرج عنها مهما علا الضجيج أو ارتفع الصياح [1] . [1] السنة فى مواجهة أعدائها للأستاذ الدكتور طه حبيشى ص 63،64 بتصرف.