وكان صواماً قواماً يتناوب قيام الليل، هو وزوجته، وخادمه، فيما رواه عنه أبو عثمان النهدى [1] رضي الله عنه قال: "تضيفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته، وخادمه يتعقبون الليل أثلاثاً: يصلى هذا، ثم يوقظ الآخر فيصلى، ثم يوقظ الثالث " [2] .
وقد أرسله النبى صلى الله عليه وسلم مع العلاء بن الحضرمى [3] إلى البحرين لينشر الإسلام، ويفقه المسلمين فى الدين [4] .
كما استعمله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البحرين فترة ثم عزله، وبعد ذلك دعاه عمر ليوليه فلم يقبل أبو هريرة وقال: "أخشى أن أقول بغير علم، وأقضى بغير حلم، وأن يضرب ظهرى، وينزع مالى، ويشتم عرضى " [5] .
يقول الإمام الجوينى: "وهذا مما يتمسك به فى أبى هريرة رضي الله عنه فعمر مع تنزهه عن المداراة والمداجاة والمداهنة، اعتمده وولاه فى زمانه أعمالاً جسيمة، وخطوباً عظيمة، وكان يتولى زماناً على الكوفة وكان يبلغه روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو لم يكن من أهل الرواية، لما كان يقرره عمر رضي الله عنه مع العلم بإكثاره [6] .
... [1] أبو عثمان النهدى هو: عبد الرحمن بن مل، مخضرم، ثقة ثبت عابد، مات سنة 95هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/592 رقم 4031، وتذكرة الحفاظ 1/65 رقم 56، وشذرات الذهب 1/118، وطبقات ابن سعد 7/61. [2] ينظر: البداية والنهاية 8/113، وتذكرة الحافظ 1/36. [3] العلاء بن الحضرمى: صحابى جليل له ترجمة فى: أسد الغابة 4/71 رقم3745،، ومشاهير علماء الأمصار ص75 رقم 400، والإصابة 2/497 رقم 5642. [4] البداية والنهاية 8/116، وينظر: زاد المعاد 3/692، 693. [5] البداية والنهاية 8/114، 115. [6] البرهان فى أصول الفقه 1/240.