فما عسى أن تكون هذه المظاهر من الاستعراض الدعوي إلا نتيجة للتزاحم على السيادة في ميدان الدعوة! فهل نسي الدعاة في خضم هذا السباق المحموم على الريادة الشرط البدهي لقبول العمل وهو الإخلاص، قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [1] ، فقل لمن لا يخلص لا يتعنَّى.
(وقد كان السلف يسترون أعمالهم الصالحة ويبالغون في ذلك خوفًا من الرياء، ويلاحظ اليوم أن الطلب اشتد على المديح والثناء، وهذا يعكر صفاء النيَّات، ويعرض الأعمال الصالحة لخطر الرفض، واستجابة لذلك الطلب نجد الكثير من الدعاة يبالغون في المديح والثناء لبعضهم بعضًا ولغيرهم، وهذه المبالغة في المديح تتخذ أحيانًا نوعًا من التألِّي على الله ـ سبحانه وتعالى ـ، وفيها من صنوف الخضوع وإذلال النفس وإدخال الغرور على الممدوح!! إذا كان الصواب شرطًا أساسيًا للنجاح فإن الإخلاص شرط أساسي للثواب والقبول، ولا غنى للداعية عن هذا وذاك) [2] .
وما زال حديث أول من تسعر بهم النار يوم القيامة واعظًا لنا ومقومًا لتصحيح عملنا الدعوي. [1] الزمر. [2] عبد الكريم بكار، مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، 121.