ويتعجب الدجوي مرة أخرى من هذا التفريق فيقول:
(وإني أعجب لتفريقهم بين توحيد الألوهية والربوبية، وجعل المشركين موحدين توحيد الربوبية مع قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [1] وهل المراد من الأرباب إلا المعبودون؟) [2].
ويسوق العاملي تقسيم التوحيد في مقام الاعتراض حيث يقول:
(وقسموا التوحيد إلى توحيد الربوبية، وهو الاعتقاد بأن الخالق الرازق المدبر للأمر هو الله، وتوحيد العبادة وهو صرف العبادة كلها إلى الله قالوا: ولا ينفع الأول بدون الثاني؛ لأن مشركي قريش كانوا يعتقدون بالأول فلم ينفعهم لعدم إقرارهم بالثاني، كذلك المسلمون لا ينفعهم الإقرار بتوحيد الربوبية، لعبادتهم الأنبياء والصالحين وقبورهم بنفس الأشياء التي كان المشركون يعبدون أصنامهم بها) [3].
ويورد حسن خزبك عنوانا في كتابه المقالات الوفية باسم: "العقيدة المستحدثة التفريق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية" كان مما قاله فيه:
(وعقيدتهم الجديدة هي التفريق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، فقالوا إن الكفار وحدوا توحيد الربوبية، ولم يوحدوا توحيد الألوهية؛ لأنهم مع اعترافهم بأن الله هو الخالق الرازق عبدوا الأصنام..) [4] - ثم نقل حسن خزبك كلام دحلان-.
فأنكر هؤلاء الخصوم تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، ولم يفرقوا بينهما، وجعلوا توحيد الربوبية هو الغاية والمطلوب من المكلف، وادعوا أن مشركي والعرب الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا مقربين بأن الله هو الرب الخالق الرازق المدبر المحيي المميت.. ونحوها من صفات الربوبية- كما هو ظاهر كلام الخصوم-.
لذا يقول الطباطبائي:
(ثم إنه سبحانه حكم بشركهم لاتخاذهم تلك الأصنام شريكا لله في خلق وتدبير العالم، وجوزوا عبادتها خلافا لله تعالى فيما نهاهم عنه على لسان أنبيائه بقوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} [5] وأين هذا ممن لا يعتقد في الأنبياء، والصلحاء الخلق [1] سورة التوبة آية: 31. [2] المرجع السابق، ص322.
3 "كشف الارتياب"، ص 140.
4 "المقالات الوفية"، ص 203 بتصرف يسير. [5] سورة البقرة آية: 22.