أحوالا شيطانية، أو كرامات فقال رحمه الله:
وكل كرامة ثبتت بحق ... فحق للولي بلا اختلال
نوال من كريم حيث كانوا ... بطاعة ربهم أهل انفعال
وليس لهم نوال أو حباء ... لمن يدعوهمو من كل عال
وإن الخرق للعادات فاعلم ... على نوعين واضحة المثال
فنوع من شياطين غواه ... لمن والاهمو من ذي الخيال
ونوع وهو ما قد كان يجري ... لأهل الخير من أهل الكمال
من الرحمن تكرمة وفضلا ... لشخص ذي تقى سامي المعالي
ولكن ليس يوجب أن سيدعى ... ويرجى أو يخاف بكل حال
فما في العقل ما يقضي بهذا ... ولا في الشرع يا أهل الوبال1
ونختم هذه النقول النفيسة بما أورده الشيخ عبد الله بن بليهد- رحمه الله- في خطابه الذي ألقاه أثناء الاجتماع بين علماء نجد وعلماء مكة المكرمة، فقال- ذاكراً حقوق أولياء الله-:
(وكذلك أولياء الله تجب محبتهم، والإقرار بفضائلهم على اختلاف مراتبهم، وما يجريه الله على أيديهم من الكرامات، وخوارق العادات، ولا ينكر كرامات الأولياء إلا أهل البدع، لكن يجب أن يفرق بين أولياء الله وغيرهم فإن أولياء الله هم المتقون العاملون لله بطاعته، كما قال تعالى في وصفهم {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [2]. فمن كان مؤمناً تقيا كان لله ولياً ليس إلا..) [3].
من خلال هذه النقول نلاحظ أنها متفقة على إثبات كرامات الأولياء، والإقرار بها، ومتفقة على وجوب محبتهم والاعتراف بفضائلهم ومناقبهم. كما أنها توضح أن الولي لله- حقاً- هو من كان مؤمناً متبعاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فليست الولاية مجرد لبس زي مخصوص، وإسبال الإزار، وإطالة السبحة، ومد اليد للتقبيل، مع ترك اتباع السنة النبوية.. وهذه النقول تؤكد النهي عن الغلو في الأولياء، فلا يجوز صرف شيء مما يستحقه الله تعالى لهم، فحق الأولياء هو المحبة والتقدير وإثبات الكرامات لهم فلا جفاء
1 "ديوان ابن سحمان"، ص155. [2] سورة يونس آية: 62. [3] ص21.