يحيى الشيعي الاثني عشري في مدح المصطفى فقال:
ساد الورى بفضائل وفواضل ... وأقلها إيجاد هذا العالم1
ويقول أبو بطين رحمه الله في كتابه "تأسيس التقديس":
(ومن غلوهم ما قاله داود العراقي: وقد ورد أن الدنيا والآخرة خلقتا لأجله صلى الله عليه وسلم) .
ثم أجاب الشيخ أبو بطين على ذلك بقوله: (وهذا حديث لا يصح والله سبحانه قد أعلمنا بالحكمة في خلق هذه المخلوقات كقوله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [2] وقوله عزوجل {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [3] فأخبر سبحانه بالحكمة في خلق هذه الأشياء، وأنه إنما خلقها للحكم التي ذكرها لا لأجل أحد من عباده.. ولو صح لم يكن فيه حجة ولا شبهة يستأنس بها لما ادعاه، مع أنه صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق على ربه، وأقربهم إليه وسيلة صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين، ولكن نهى عن الغلو فيه فقال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله.. " [4]) [5].
ويقرر علوي الحداد كلاما حول جسد المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول:
(إن الجسد الشريف لا يخلو منه زمان ولا مكان، ولا محل ولا إمكان، ولا عرش ولا كرسي، ولا غير ذلك من المخلوقات، وإن امتلاء الكون به صلى الله عليه وسلم كامتلاء الكون الأسفل، وكامتلاء قبره به، فتجده مقيما طائفا حوالي البيت قائما بين الملأ الأعلى بين يدي ربه، لأداء الخدمة، ألا ترى إلى الرائين له يقظاً ومناما يرونه في وقت واحد في أمكنة بعيدة) [6].
ويجيب ابن سحمان عن ذلك الكلام السابق بقوله:
(واعلم أيها الواقف على ما حرره هذا الملحد وأضرابه من المشركين، أنهم قد تنقصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التنقص، وهضموه أعظم الهضم، فإنهم قد تنقصوه من حيث ظنهم أنهم قد عظموه، فإنهم بهذا الغلو والإفراط حيث زعموا أنه لا يخلو منه زمان ومكان ولا محل.. إلخ، فما صانه أعداء الله عن الحشوش والقاذورات، ولا عن
1 "الصراع بين الإسلام والوثنية" 2/15. [2] سورة الذاريات آية: 56. [3] سورة الملك آية: 2. [4] صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء (3445) .
5 "تأسيس التقديس"، ص6، 7.
6 "مصباح الظلام"، ص29.