اسم الکتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية المؤلف : عبد الرب نواب الدين الجزء : 1 صفحة : 390
ولصدق الخطيب الواعظ معنى آخر وهو أن يكون ذا سمت ووقار بأن يكون مشتغلا بمعالي الأمور مترفعا عن سفاسفها، خيره مبذول وشره مكفوف أصدق الناس لهجة وأمضاهم عزيمة وأقربهم إلى البر والرشد لا يلهو مع اللاهين ولا يغفل مع الغافلين، وقد جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: سألت خالي هند بن أبي هالة وكان وصافا قلت: صف لي منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان دائم الفكرة ليست له راحة طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم كلامه فصل لا فضول ولا تقصير ليس بالجافي ولا المهين يعظم النعمة وإن دقت لا يذم منها شيئا غير أنه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها فإذا تعدي الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا اتصل بها وضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم يفتر عن مثل حب الغمام» [1] .
ومما يذكر في هذا الصدد من سير الخلفاء رضي الله عنهم ما رواه سالم عن أبيه قال كان عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن شيء دخل إلى أهله أو قال جمع فقال إني نهيت عن كذا وكذا والناس إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا وإني والله لا أوتى برجل منكم وقع في شيء مما نهيت عنه الناس إلا أضعفت له العقوبة لمكانه مني فمن شاء فليتقدم [1] الشمائل المحمدية: الترمذي باب كيف كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ص 184 - 185
اسم الکتاب : تدريب الدعاة على الأساليب البيانية المؤلف : عبد الرب نواب الدين الجزء : 1 صفحة : 390