اسم الکتاب : الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 161
تفنيد هذه الشبهة ونقضها:
قاتل الله الجهل، فإنه سبب كل بلية، وقاتل الله العناد، فإنه مطية الهلاك. هذه الشبهة سواء كان الباعث عليها الجهل أو العناد، فهي شبهة واهية، لا تثبت أمام الحق. والحديث الذي قضوا فيه بمخالفته للقرآن متفق مع القرآن تمام الأتفاق، وإليك البيان:
أولاً: قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} لم يرد في مقام الحديث عن الدرة والمرتدين، وإنما ورد في مقام الدعوة إلى الإيمان بوجه عام، فهو نظير قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} [الكهف: 29] .
والمعنى أن الرسول، والدعاة معه أو من بعده، ليس من الواجب عليهم حمل الناس بالإكراه على الدخول في الدين، بل عليهم البلاغ الواضح، فمن آمن فقد اهتدى، ومن ظل على كفره فحسابه على الله.
هذا هو معنى هذه الآيات. والحديث بيان لعقوبة من كان مؤمناً فكفر.
وبهذا يتبسن أن للآية {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} مقاماً غير مقام الحديث "من بدَّل يدنه فاقتلوه" إذن فالجهة - كما يقول الأزهريون - منفكة، وهذا معناه أنه لا تعارض بين الآية والحديث، ولا مخالفة في الحديث للقرآن.
ثانياً: أما آية النساء، التي حكت قصة آمنوا ثم كفروا، ثم آمنوا ثم كفروا، ثم أزدادو كفراً، فلا تعارض بينها وبين الحديث كذلك.
لأن هذه الآية تصف أحوال المنافقن "السرية" أو النفسية، والمنافقون - كما هو معروف - كانوا يحرصون دائماً على إظهار الإيمان. سواء كان إيماناً مصطنعاً أو شعروا بإيمان حقيقي في لحظات عابرة. إذن فإن تنقلهم بين الكفر والإيمان كان أحوالاً نفسية، لم يظهروها لغيرهم. والإسلام - في الدنيا - يجرى أحكامه على ظاهر الحال، أما السرائر فأمرها موكول إلى الله قطعاً.
اسم الکتاب : الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض المؤلف : المطعني، عبد العظيم الجزء : 1 صفحة : 161