8- رجاحة العقل
إن العقل مكان الحكمة وبيتها، وبين العقل والحكمة اشتراك لفظي ومعنوي، وقد يطلق العاقل على الحكيم، والحكيم على العاقل، فإذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
حيث إن الحكمة أعم من العقل وأشمل.
ومما يدل على علاقة العقل بالحكمة أن الله لما ذكر الحكمة فقال: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (البقرة: من الآية 269) . ختمها بقوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (البقرة: من الآية 269) . أي: أولو العقول، قال ابن عاشور: وقوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (البقرة: من الآية 269) . تذييل للتنبيه على أن من شاء الله إيتاء الحكمة هو ذو اللب، وأن تذكر الحكمة واستصحاب إرشادها بمقدار استحضار اللب وقوته، واللب في الأصل: خلاصة الشيء وقلبه، وأطلق هنا على عقل الإنسان؛ لأنه أنفع شيء فيه [1] .
ولأثر العقل في تصرفات المرء وسلوكه، ذكره الله في القرآن كثيرا، تنويها بمكانته، وأثره في الحياة. [1] انظر: التحرير والتنوير 3 / 64.