responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 665
ولم تشمل هذه الحركة الرجعية العامة من الناس فحسب، بل إن المتعلمين أيضًا لم يكن لهم من زاد عقلي سوى بعض الأساطير المليئة بالخرافات المقتبسة أسوأ اقتباس عن اللاتينية البربرية، أو عن قصص الإغريق وأساطير الشرق القديمة.
وما وصلت إليه الكنيسة وكهنتها في المجال الديني لم يكن عامل إنقاد للحضارة بل كان عائقًا لها.
وظل الفكر الإغريقي بالنسبة إليهم غريبًا، فحوالي عام "300م" علل أسقف قيصرية "أوزيبوس Eusebius" ذلك المسلك لعلماء الطبيعة من "الإسكندرية" و"برجامون" قائلًا: إن موقفنا هذا ليس جهلًا بالأشياء التي تعطونها أنتم كل هذه القيمة، وإنما لاحتقارنا لهذه الأعمال التي لا فائدة منها، لهذا فإننا نشغل أنفسنا بالتفكير فيما هو أجدى وأنفع.
ولقد كان الفكر الإغريقي يُمثل للمسيحيين شبحًا ملعونًا، فلم يقتربوا منه، بل حطموا جزءًا كبيرًا من تراثه، وحرموا منه البشرية.
ولقد كان الفكر الإغريقي يُمَثِّل للمسيحيين شبحًا ملعونًا، فلم يقتربوا منه، بل حطموا جزءًا كبيرًا من تراثه، وحرموا منه البشرية.
حتى إن الغرب اضطر بعد صحوته أن يبدأ من جديد، على الرغم من أن الحضارات القديمة، والهيلينية[1] على الخصوص، كانت قد وصلت في سالف أيامها إلى درجة كبيرة من الرقي.
وعلى الرغم من هذا فقد بدا للسادة المهيمنين على الأمور ضرورة تحريم الكتب، التي تهتم بالأمور الحقيرة الدنيوية على المتعلمين ورجال الدين المسيحي.
ففي عام "1206م" نبه مجمع رؤساء الكنائس المنعقد في باريس رجال الدين بشدة على عدم قراءة العلوم الطبيعية، واعتبر ذلك خطيئة لا تغتفر.
وقضى هذا التفكير الضيق على كل موهبة، وعاق كل بحث علمي، وأجبر كل المفكرين الذين لا تتفق أعمالهم ومعتقدات الكنيسة هذه، على إنكار ما قالوه

[1] الهيلينية: أي: اليونانية.
اسم الکتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم المؤلف : الميداني، عبد الرحمن حبنكة    الجزء : 1  صفحة : 665
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست