[المبحث الثاني قبول النفوس للحق]
المبحث الثاني
قبول النفوس للحق النفوس المستمعة أصناف، منها المعرض الممتنع، ومنها من سمع ولم يفقه المعنى، ومنها من فقه ولم يقبل، ومنها من سمع سماع فقه وقبول [1] وهذا الأخير هم الذين تتهيأ نفوسهم للقبول، وقد ذكرهم الله بقوله: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83] [2] .
وبشرهم وأثنى عليهم بقوله سبحانه: {فَبَشِّرْ عِبَادِ - الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 17 - 18] [3] وبشرهم صلى الله عليه وسلم وأثنى عليهم بقوله: «نضّر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه» [4] . هذا الصنف المستمع سماع فقه وقبول هم الذين تدرج الشارع في دعوتهم، فكانت التشريعات الإلهية والتوجيهات النبوية تتدرج في تهيئة نفوسهم للقبول شيئًا فشيئًا.
تصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هذا التدرج فتقول: ". . . «إنما [1] انظر: ابن تيمية، التفسير الكبير 6 / 312. [2] سورة المائدة، الآية: 83. [3] سورة الزمر، الآيتان: 17 و 18. [4] محمد ناصر الدين الألباني، صحيح سنن ابن ماجه 1 / 44، 45.