اسم الکتاب : الاستشراق والتبشير المؤلف : محمد السيد الجليند الجزء : 1 صفحة : 93
الحاكم أن يقبل مراقبة رجال الدين ويوطد التعاون معهم نظام دولته لا النظام المدني فقط، بل الديني أيضا".
وفرنسا قد اتفقت مع الفاتيكان على تحديد نوع العلاقة بين الدولة والكنيسة، وبمقتضى هذه العلاقة أعلنت فرنسا أنها حامية المسيحية في الشرق ولا سيما المذهب الكاثوليكي، ومن يقرأ تاريخ الاستعمار الفرنسي في شمال إفريقيا يعلم حقيقة موقف فرنسا من الدين المسيحي وجهودها الدائبة لنشره، ولا يخفى على أحد أيضا ما فعله الكردينال "لا فيجري" والآباء اليسوعيون في الجزائر وتونس والمغرب وبلاد النيجر، فلقد تحولت مساجد كثيرة إلى كنائس علقت فيها الصلبان، وتحول الكثير من البربر إلى كاثوليك بفعل الآباء، وتعمدت فرنسا إلغاء الشريعة الإسلامية في الجزائر على يد المسيو "لوسيان سان" الذي دعا إلى عقد مؤتمر ديني كبير للكاثوليك نتج عنه حظر التجول للفقهاء المسلمين في البلاد، ومنع حفظة القرآن الكريم ومشايخ الطرق الصوفية، كما منع زعماء البربر من إرسال أبنائهم إلى العواصم لحفظ القرآن أو تعلم العقيدة الإسلامية وذاكرة التاريخ لا تنسى شيئًا من ذلك، ولا أريد أن استطرد في ذكر العديد من النماذج الأوروبية التي يحلو للبعض أن يقارن الشرق بها، ولكن أصبح من المؤكد الآن أن الذي دعت إليه فرنسا في الجزائر والمغرب هو بعينه ما يدعو إليه هؤلاء العلمانيون من إبطال العمل بالقانون الإسلامي، وفصل أمور السياسة عن أمور الدين. وما أردت بذكر هذه الأمثلة أن أضع أمام حكومات العالم الإسلامي وأمام القارئ حقيقة الموقف
اسم الکتاب : الاستشراق والتبشير المؤلف : محمد السيد الجليند الجزء : 1 صفحة : 93