اسم الکتاب : الاستشراق والتبشير المؤلف : محمد السيد الجليند الجزء : 1 صفحة : 79
السيطرة على هذه العقول أن ينفثوا سمومهم في حاضر الثقافة العربية بالتشويه أحيانا وبالتشكيك أحيانا أخرى، وسوف أعرض بإيجاز شديد لبعض النماذج الفكرية التي تبنت هذا الفكر الاستشراقي ودعت إليه.
1- ففي مطلع هذا القرن نادى سلامة موسى بوجوب التخلص من الغيبيات حتى نستطيع أن ننهض كما نهضت أوروبا".. أي النظر إلى هذه الدنيا كأنها الغاية التي ليس وراءها غاية تخدم، وأننا نحن البشر يجب شأن تكون لنا آداب وفلسفات وعلوم لا تمت بأي صلة إلى الغيبيات، إن علينا أن نعتمد على أنفسنا في تحقيق السعادة على هذه الأرض نفسها، وألا نزهد فيها إيثارا عليها للعالم الثاني كما هي النظرة الغيبية.. والنهضة الأوروبية التي أخرجت أوروبا من ظلمات القرون الوسطى لا تعني شيئا آخر غير ذلك[1].
ثم يصرح في موضع آخر بضرورة التخلص من العقائد الدينية والاعتماد كليًّا على العقل: " ... إذًا ليس في الكون كله ما يُعتمد عليه سوى العقل، وليس للإنسان خلاف هذا العالم عالم آخر يمكنه أن يطمع في تحقيق سعادته فيه.. وأن الانحطاط لم يعنِ في القرون الوسطى، وهو لا يعني الآن في الشرق أو الغرب سوى قصر الذهن البشري على خدمة ما وراء الطبيعة ونشدان السعادة والهناء في غير هذه الأرض"[2]. [1] سلامة موسى، ما هي النهضة، ص15 بتصرف. [2] نفس المرجع، ص16.
اسم الکتاب : الاستشراق والتبشير المؤلف : محمد السيد الجليند الجزء : 1 صفحة : 79