هناك أكثر أمناً على أنفسهم وأعظم استفادة بعلومهم وإمكاناتهم وعلماء الأخلاق والفضيلة كبتوا في أماكنهم أو شردوا في غير أوطانهم والشباب في حيرة سياسية وفي فوضى فكرية، فهو لا يعلم إلى أين يسير وماذا يراد له وماذا يريد الحكام منه، ومثله العليا ضائعة ورغبته في الانتماء والاحتماء مكبوتة، وهويته التي يريد أن يحملها ويدافع من أجلها مزورة!! فالشاب يقول لك: من أنا!! ومن نحن؟ هل نحن عرب؟ فالشاب يقول لك: من أنا!! ومن نحن؟ فلماذا هذا النفاق بل هذه الغربة الكاملة للإسلام؟ أم هل أنا مصري فقط؟ وعراقي فقط؟ وكويتي فقط؟ وفلسطيني فقط؟ هذه الأسئلة التي يتحدد على أساسها الانتماء والهواية لا يجد شبابنا جواباً عليها، وإن وجد الجواب النظري فوجئ بأن التطبيق العملي يخالف هذا تماماً.
الاستقرار السياسي ضرورة ملحة واليهود لم ينتصروا علينا في أي معركة، إلا في وقت لم نكن ننعم فيه باستقرار سياسي، بل أمتنا على امتداد أربعة عشر قرناً من الزمان لم تهزم أمام التتار أو الصليبيين أو الفرنج في إسبانيا إلا في عهود الفرقة والخصام والانفصام بين الحكام والشعوب، ولم نستطع أيضاً أن نحقق نصراً إلا في عهود اجتمعت فيها كلمتها ووحدت فيها صفوفها ووقفت شعوبها صفاً متراصاً خلف حكامها.
ولذلك السعي الأول في سبيل الاستعداد للحرب الخامسة يجب أن يكون في سبيل الاستقرار السياسي، ويستحيل أن ينعم الحاكم والمحكوم باستقرار سياسي، في ظل الإرهاب والبطش ومصادرة الأفكار الطيبة الخيرة، وفي ظل استغلال النفوذ والأثرة وحب الذات، بل في ظل التسامح والمرحمة وإفساح الصدر للرأي المخالف وأن نشترك