فلنسم الأشياء بأسمائها
الأسماء هي العناوين التي نطلقها على المسميات ومن خلالها نتعرف على ما أطلقت عليه، فإذا سمعنا -مثلاً- لفظ الشجاعة فإننا نتصور في عقولنا صفة حميدة تعني الإقدام والجرأة، ورباطة الجأش، وعزيمة القلب، وإذا سمعنا لفظ الخيانة تصورنا معنى واضحاً محدداً، فإذا قلنا إن فلاناً شجاع وقع في نفوسنا إنصاف هذا المذكور بهذه الصفة، وهكذا في كل ما يوصف به الأفراد والأشياء، والمقصود إننا نتعرف على الأشياء من خلال الأسماء التي نطلقها نحن عليها، فما بالكم إذا أطلقنا أسماء مغايرة تماماً للمسميات التي نقصدها، فنطلق مثلاً على النار لفظ الماء وعلى البارد لفظ الحار، عل الخيانة لفظ الظرافة (وخفة الدم) ، وعلى الشجاعة لفظ التهور والجنون، لا شك أننا سنعيش في فوضى لا حد لها، بل سنعيش في عالم مختلط مضطرب.
* وهذا الذي افترضه ليس فرضاً بعيداً، وإنا هو واقع نمارسه الآن ونعيشه، إننا نعيش الآن عصراً يصح أن نسميه عصر فوضى الأسماء، فلست واجداً شيئاً قد تسمى باسمه -الذي يجب أن يتسمى به- إلا القليل النادر وهاكم البيان:
إذا طالعنا قاموسنا السياسي بكل ألفاظه المتداولة بين