أيدينا وجدنا أنها موضوعة في غير مواضعها ومنطوقة على غير معانيها وفي غير أماكنها، فالهزيمة المنكرة نكسة والهاء الشعوب ترفيه، والاستبداد حزم، وإفساد الناشئة تربية، ومحاربة الفساد تعني في هذا القاموس قمع الذين يأمرون بالقسط والعدل من الناس والكذب والخيانة سياسة وذكاء.
ألسنا يا قوم نسمي الإذعان للعدو والاستسلام له والرضى بالذل حلاً!! وسلمياً أيضاً، وقد نتصافح فنسميه صلحاً، والحال هذا لا يجوز أن يسمى حلاً ولا سلماً، ولا صلحاً ولا شيئاً من هذا أصلاً، والمثال واضح وسهل، فأنت لو جاءك عدو فلطمك على وجهك وأخرجك من منزلك الذي تملكه، ثم أراد منك أن توقع أمام الناس وثيقة تثبت تنازلك عن دارك، وفعلت هذا الذي أراده ثم قابلت الناس فسألوك عما صنعت مع عدوك فقلت لهم: تصالحت معه، وحللت قضيتي معه سلمياً.. لضحك الناس منك (وهنأوك على شجاعتك) آسف لوبخوك على جبنك هذا إذا لم تكن لك مقدرة على إخراجه، وأما إذا كنت قادراً على إخراجه وقلت ذلك لبصقوا في وجهك ولعجبوا من وقاحتك.
وحالنا مع أعدائنا من اليهود ليس بعيداً عن ذلك، فهم مغتصبون والذين أخرجوا من ديارهم وملكها اليهود بعدهم لم يموتوا بعد، ونحن إما أن نكون غير قادرين على إخراجهم فمن (العبث) أن نقرهم على الباطل وآسف لاستعمالي كلمة العبث وهي والله كلمة في غير موضعها!! وأما أن نكون قادرين على إخراجهم.. فهل نسمي ما نفعله الآن معهم سلماً وصلحاً وحلاً.. حرام عليكم لا تظلموا الكلمات.
وإن تركنا القاموس السياسي وجئنا إلى قاموسنا الاجتماعي وجدنا العجب: هذه التفاهة التي تطالعنا كل يوم