responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف    الجزء : 1  صفحة : 65
فقط, فكم من أناس عرفوا حقائق الإيمان ولم يؤمنوا قال سبحانه وتعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [1]. وقد أقر أبو طالب بنبوة الرسول عليه الصلاة والسلام ونباهة شأنه ولكنه لم يؤمن به خوف اللوم والمسبة فأعلن:
ودعوتني وزعمت أنك صادق ... ولقد صدقت وكنت ثَمَّ أمينا
وعرفت دينك لا محالة أنه ... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة ... لوجدتني سمحا بذاك مبينا
وهذا هرقل عظيم الروم يقول: لو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لجلست عند قدميه. وجاء في فتح الباري: عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن هرقل قال: ويحك.. والله إني لأعلم أنه نبي مرسل ولكني أخاف الروم على نفسي ولولا ذلك لاتبعته، فقد وجد من هؤلاء التصديق والتسليم والإقرار إلى حد كبير ولكن العلماء متفقون على أنهم كافرون.
والحق أن الجزء الذي يمتاز به الإيمان ويتضح هو التزام الطاعة مع التبري من كل دين سوى الإسلام.. فإذا التزم الطاعة فقد خرج عن ضلالة الكفر ودخل في هدى الإسلام، وبهذا تبين وجه كفر هؤلاء الكفرة مع تصديقهم ومعرفتهم وذلك لأن أبا طالب وإن جهر بحقية دين محمد -صلى الله عليه وسلم- لكنه لم يلتزم طاعته ولم يدخل في دينه ولذا قال: لولا الملامة أو حذار مسبة، فآثر النار على العار، وهكذا هرقل تمنى لقاءه وبجَّلَه وعظَّمه بظهر الغيب لكنه خشي الروم أشد خشية فلم يلتزم طاعته، وكذلك حال الكفار الذين أخبر الله سبحانه عنهم بقوله: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [2], ومع معرفتهم أعرضوا عن كلمة الحق ولم يدينوا بدين الإسلام، ولذا يقال: إن الإسلام من الإرادات بمعنى أنه لا يكفي فيه الإذعان الفكري الخالص[3].
وعلى هذا فالإيمان في حقيقته عمل نفسي ووجداني داخلي، وإدراك وجزم

[1] سورة النمل: 3.
[2] البقرة: 146.
[3] لمحات في رسائل التربية الإسلامية وغاياتها د. محمد أمين المصري ص153-154.
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست