اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 316
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذها خالد بن الوليد منه غيره أمره ففتح الله عليه وقال: يسرني -أو قال: ما يسرهم- أنهم عندنا " [1].
وكانوا جميعًا في قمة البطولة والفداء، فقد أثبتوا شجاعة نادرة حيث قاوموا بثلاثة آلاف مقاتل مسلم ما يزيد على مائتي ألف من جنود الأعداء كما كانوا جميعًا مثل الثبات والصمود والسيطرة على الموقف العصيب.
وكان قد ارتفع صوت يقول: يا قوم ترون قلة عددنا وكثرة أعدائنا فلنكتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نخبره بالأمر فعسى أن يمدنا بالرجال، أو يأمر بأمر ننفذه فأجابه عبد الله بن رواحة:
"يا قوم.. والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة.. فمضى الناس"[2] ويقاتل المؤمنون قتال الأشاوس الأبطال.. ويستشهد القادة الثلاثة وتتحقق نبوءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتولى القيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه..
ويسير الخلفاء الراشدون على الخطة نفسها التي سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في اختيار القادة.. وها هو ذا أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- يوجه أسامة وجيشه إلى بلاد الشام، ويخرج الخليفة لوداعه بعد توليه الخلافة مباشرة ويسير مع الجند على قدميه وأسامة راكب، ويغلب الحياء أسامة إذ يرى خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه والقائد الأعلى للمسلمين وصاحب الأمر والنهي يسير معهم إلى جنبه سيرًا على قدميه، فأراد أن ينزل وهو يقول: "يا خليفة رسول الله، والله لتركبن أو لأنزلن"..
فقال له أبو بكر على مسمع من أفراد الجيش "والله لا تنزل ووالله لا أركب.. وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة".. [1] فتح الباري: 6/ 180. [2] سيرة ابن هشام: 2/ 375.
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 316