اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 263
بعضهم بعضًا ولا يجدون أصلًا جامعًا يتحاكمون إليه إذا رجعوا إلى الحق وتركوا الهوى"[1].
وعلى هذا، فكلما قوي تمسك المسلمين بعقيدتهم، وازداد شعورهم بالولاء لأمتهم، واشتد اعتزازهم بلغتهم التي هي جزء من عقيدتهم، ورفعوا راية التوحيد عاليًا، ودعوا بدعوة القرآن والسنة، وازداد ترابطهم الاجتماعي وقويت صلتهم بماضيهم المجيد وتاريخهم الكريم وتراثهم الجميل، كلما هابهم العدو وحسب لهم ألف حساب وتبددت مطامعه فيهم، وخنست رغبته في تشتيت شملهم، أو امتلاك أراضيهم أو استغلال خيراتهم، أو التغلب عليهم، وراح يطلب ودهم ولينهم، مظهرًا صداقته لهم واحترامه لوحدتهم وقوتهم.
وعلى العكس من ذلك كلما ضعف أثر العقيدة الإسلامية في النفوس وقل حماسهم للدعوة الإسلامية، وتخلوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وركنوا إلى الحياة الدنيا وزينتها.. قلت الحصانة التي تكونت لدى المسلمين ضد هذه الانحرافات.. ووقعت بينهم فتنة تشتت الشمل بدعوى القومية أو العلمانية.. أو الشرقية أو الغربية.. وبذلك يساعدون العدو على استلاب ممتلكاتهم، واستغلال خيراتهم. [1] الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر: 2/ 60 وما بعدها.
كيف دخلت القومية إلى البلاد الإسلامية:
من البدهيات التي لا تحتاج إلى استدلال مسألة عالمية الإسلام وإنسانيته، ذلك لأنه هو الدين الذي جاء ليحرر البشرية من الانحرافات والضلالات والوثنيات المنتشرة سابقًا، وليدفعها إلى المستوى اللائق بالعقليات الإنسانية البناءة المتحضرة، ولم يكن الإسلام في يوم ما خاصًّا بقبيلة أو جنس أو عصبية، وإنما هو دعوة عامة إنسانية، وهو لهذه الميزة التي ينفرد بها يكره دعوة التعصب للجنس أو للون أو للقبيلة، لأنها -في حقيقة الأمر- دعوات تفتت من كيان الأمة، وتبدد قواها، وتبعثر طاقاتها، وتقف حائلًا دون كل تقدم ونمو حضاري وثًّاب، ووجود فئة في البلاد الإسلامية تدعو للتجمع القومي أو العصبي وجود طارئ غير أصيل،
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف الجزء : 1 صفحة : 263