responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف    الجزء : 1  صفحة : 177
ومن العجيب أن تروج هذه الفكرة وأن تلقى قبولًا من المستشرقين، ولكن هذا العجب سرعان ما يزول إذا أدركنا خبث طويتهم.. إذ إن كلمة "أخت" في اللغة العربية لا ينحصر استعمالها في أخوة النسب، وإنما تستعمل للدلالة على الشبيه والنظير والمثيل.. فيقال مثلًا: شوقي أخ للمتنبي والغرض من هذا أن كلًا منهما يشبه الآخر في صفات معينة، وليس المراد أن أباهما واحد، وقد كانت مريم العذراء أم المسيح معروفة بورعها وتقواها، وهي الأنثى التي تقبلها بقبول حسن وأنبتها نباتًا حسنًا قد شابهت هارون في ورعها وتقواها، فلما حملت بعيسى عليه السلام وهي لا زوج لها ظنها فاسدو الفطرة والذوق أنها ارتكبت فاحشة واستعجبوا لحدوث ذلك منها وهي بارة تقية، فقالوا لها كيف تفعلين هذا مع أنك شبيهة لهارون في عبادته وطهارته، فالآية الكريمة إذن لا تشير إلى أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- قال: إنها أخت لموسى وهارون وأن أباهما كانا أبًا لمريم. وعلى عكس ما فهم المستشرقون فإننا نجد آيات قرآنية تشير إلى وجود فترة زمنية طويلة المدى بين رسولي الله موسى وعيسى عليهما السلام.
وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لوفد نجران حين جاءوا يناظرونه: "إن عيسى أخي" ومحمد -صلى الله عليه وسلم- يعرف أنه أخ له وهو لم ير عيسى، وبينهما ما يقرب من ستمائة عام ولكنهما أخوة النبوة والرسالة. والأنبياء جميعًا على تفاوت الأزمنة بينهم أخوة لأن رسالتهم واحدة وهي الدعوة إلى عبادة الله.
ويقف كثير من المستشرقين عند آية أخرى وهي قوله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [1].
وقد ذهب فهمهم المحدود القاصر أو المغرض إلى هذا التأويل الخاطئ: وهو أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أمر أن يسأل أهل الكتاب، وعلى هذا فقد سألهم، وبالتالي فإن رسالته مستوحاة منهم.
هذا ما درجوا عليه، ولعل سبب هذا التفسير الخاطئ هو عدم فهمهم اللغة العربية[2] حق الفهم في أمور:

[1] سورة يونس: 94.
[2] الإسلام والمستشرقون: ص12.
اسم الکتاب : أضواء على الثقافة الاسلامية المؤلف : العمري، نادية شريف    الجزء : 1  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست